مع ما وصل له الوضع على الساحة المحلية من تجاذبات تعدت الحدود المسموح بها عقلا وشرعا وقانونا، تمظهر بعضها في حملات التخوين والشتم والتعريض بالانتماءات الدينية والاجتماعية والتي راجت بشدة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي ظل تراخي السلطة عن القيام بواجبها في التصدي لمعاول الهدم في نسيجنا الاجتماعي، وسط هذا كله ينبري فجأة مجموعة من أبناء الكويت المخلصين لتبني حملة للتصدي لخطاب الكراهية وتجريمه، في نقلة نوعية للعمل الشبابي المبادر في واقعنا الكويتي، والذي لا يكتفي بالتذمر.. والتحلطم!
أخطر ما في خطاب الكراهية المنتشر حاليا هو انضمام مجموعة ممن يفترض فيهم الوعي والحصافة، بحكم موقعهم السياسي او الاجتماعي او خلفيتهم الثقافية والتعليمية، لجوقة المروجين لتقسيم أبناء البلد إلى مواطنين جيدين وآخرين سيئين أو خونة، وفق مرجعية مضطربة تحاول تعليل المواقف السياسية والاختلاف فيها بحجج الانتماء المذهبي أو الفئوي أو الاجتماعي، مما يعني أننا بالفعل أمام لحظة استثنائية تتمثل بالخروج عن كل القيم والأعراف والاعتبارات المنطقية التي يجب أن تخضع لها معظم التجاذبات الاجتماعية والسياسية في أي مجتمع منضبط!
هذا السعار المجنون ومجمل ألفاظ التخوين والاقصاء التي باتت تستخدم بأريحية غير اعتيادية في واقعنا، قد ينظر له البعض باعتباره أمرا طبيعيا ونتاجا لخروج ما كان يتم تداوله خلف الأبواب المغلقة للعلن بحكم التطور في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، على اعتبار اننا لم نكن يوما مجتمعا ملائكيا، وكانت لنا دائما أمراضنا الاجتماعية ونظرتنا النمطية لبعضنا البعض، إلا أننا كنا نحتفظ بذلك لأنفسنا ولا نجاهر به عادة، إلا أن ما يحدث حاليا يتم في سياق اقليمي ملتهب، بات من الواضح وجود أطراف معينة تدفع في اتجاه تذكيته وتعميقه، وهو ما ينذر بخروج ما يجري عن الحدود «المرسومة» أو المقبولة نوعا ما، لندخل في معادلة أخطر من العنف.. والعنف المضاد!
إن تصدي أبناء الكويت لما يحدث، يثبت أن هذا المجتمع كان وما زال قائما على المبادرات المجتمعية، والتي كانت ولا تزال أمل هذا الوطن لمستقبل أفضل، على الأقل من واقعنا الحالي.. المثير للقلق!
*لمتابعة حملة الشباب على «تويتر» لتجريم خطاب الكراهية @shbabq82013
Twitter: @alkhadhari
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق