أسيل أمين: الجمل ما يشوف حدبته

تعالت نبرة الخطاب واحتدت ككل مرة في التجمع الذي أقيم ليلة الاثنين الفائت في ساحة الإرادة، وكالعادة ما خلا من رائحة العنصرية والتطرف، صفق لهم المؤيدون لجعجعة الحناجر و{عظمة} الخطب والشعارات، ثم ذهب الجميع إلى بيوتهم ليناموا قريري العين بعد أن تركوا الساحة تعج بالمهملات، التي خلفوها إثر تجمعهم فيها من أجل «عيون الوطن»!.. وهذا وفق ما رأيناه من صور انتشرت للساحة في التويتر.

وقد لا يعد ما رأيناه لدى الكثيرين جزءا من المنظور السياسي، ولكنه فعليا مرآة تعكس واقعا ملموسا لجماعات وجموع تعلو وتتعالى أصواتها بالإصلاح السياسي – قولا – بينما يتدنى لديها مستوى أبسط السلوكيات والممارسات العامة تطبيقا، وهي النظافة.

نظافة الدولة من الفساد السياسي تبدأ من الفرد ويرتفع السلم وصولا إلى المسؤولين في السلطة، فمنبع أفراد السلطة من الشعب، وبينما شعارهم هو «الشعب صاحب السيادة» يسود فعليا في ممارساتهم السياسية كثرة الكلام والطنطنة في حب الوطن، بينما تجدهم، جهلا أو عمدا، يفتقدون أبسط معاني حب الوطن بالمحافظة على جماله ونظافته، فكيف يؤتمن عليهم – وفق ما ينشدون – سيادة وطن بأكمله؟!.. الأيدي التي تعمل على «توسيخ» أرض الكويت بالمهملات والمخلفات الاستهلاكية لن تكون قادرة أبدا على تنظيف الكويت سياسيا، معادلة بسيطة تستوجب إعادة النظر في مستواهم الفكري والأخلاقي والإصلاحي هم ومن يتبعهم من جماعات وجموع.

أخلاق الفرد تتفاعل والمجتمع، ويساعد في تنشئتها التعليم، ويؤثر فيها الإعلام والاقتصاد والسياسة، ولكن يبقى المنزل الأساس في زرع أخلاق الفرد. وبلا شك ان من يريد أن يتعرف على مدى تحضر شعب ورقي فكره فليس عليه إلا أن يلقي نظرة بسيطة وسريعة على سلوكياته الدالة على أخلاقه في الشوارع والمرافق والأماكن العامة، ليعلم مدى احترام الشعب لذاته أولا، ثم القوانين والدولة ثانيا، وبالرغم من أن هناك فارقا بين من يلتزم بالأخلاق العامة، كونه إنسانا واعيا ومتحضرا، ومن يلتزم بها احتراما للقوانين أو هيبة منها فقط، ولكن في النهاية النتيجة واحدة، وهي الالتزام بالأخلاق العامة وتطبيق قوانين الدولة، والنظافة من بديهيات هذه الأخلاق ولا جدال في ذلك.

ومن جانب آخر، عدم تقبلهم لأي رأي مخالف لآرائهم إلى حد تحويله – إن كان خليجيا – إلى رأي عام ووطني للتكسب الانتخابي، ضاربين بالعلاقات والأواصر التي تربطنا بالدول الخليجية الشقيقة عرض الحائط، ينكشون ويتطاولون ثم يصعّدون القضايا ويشتمون، ولا يتوقعون الهجوم ولا يتقبلون حتى الانتقاد!

أسيل عبدالحميد أمين

aseel.amin@hotmail.com

AseelAmin@
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.