كنت في ديوانية عمي صالح أرتل القرآن بعد تعلمي علوم الدين واللغة العربية
تميزت في فنون السامري والصوت والبسته والربابة
تملكني الطرب «أروح» مع عازف العود بعيداً عن العمران
زمان أول كان في حفلات سمر حق الرياييل
يبدو تاريخ الاغنية الكويتية مؤسساً على مواهب فنية تعلمت العلوم الموسيقية بالفطرة وارتبطت الأغنية الكويتية بعدد من الأعلام الذين ساهموا في المحافظة على التراث الفني للأغنية الشعبية، ولهم دور فني بارز وفعال..
ولأن الوضع مأساوي في اندثار الاطوار والفنون الكويتية ارادت «الوطن» محاورة الجيل المؤسس في تاريخ الاغنية الكويتية فأجرت حوارا مع فنان مرموق بحجم عبدالله الفضالة والذي تعتبر تجربته من مراحل المدرسة الثانية من المدارس الاربع كما كان فضالة مبدعا في فنون البادية مثل المسحوب – والهلالي وقد قام بتوظيف آلة الكمان لتحل محل الربابة، كما تغنى الفضالة ببعض اشعار الاقدمين امثال العباس ابن الاحنف – المتنبي – وقيس بن الملوح – وعنتر بن شداد وبعد حياته بالبحرين عاد للكويت واستمر في تقديم الحفلات وافتتاح اذاعة الكويت عام 1949م.
في منطقة المرقاب تجولت في الطرق الضيقة في حي الفضالة، فوجدت في احد الاركان منزل العم الكبير صالح الفضالة وهو عم الفنان المجيد عبدالله فضالة فدخلت الى ديوانيته وكان عبدالله جالسا في ركن قصي فأقبلت عليه وألقيت التحية والسلام وابديت له رغبتي في التعرف عليه كفنان له باع طويل في تاريخ الاغنية الكويتية، ونظر الي.. ثم وافق على حوار «الوطن» معه وهنا التفاصيل:
* مساك الله بالخير عم عبدالله.
– مساك الله بالنور والكرامة ولدي.
* يقولون ان اسمك عبدالله فضالة مو صج.. صحيح عمي اسمك مستعار؟!
– هذا اسم الشهرة واسمي الحقيقي عبدالله فضالة السليطي من مواليد 1901 بمدينة الكويت.
همتي قوية
* هل تعطينا فكرة عن نشأتك؟
– بعد وفاة والدي تأزمت «وايد» وتعبت لصغر سني فتولاني عمي بالتربية والرعاية، ووقتها انتشر مرض الجدري في الديرة ماسلمت منه، حاشني والنتيجة اني صرت أعمى وفقدت بصري… الحمدلله على كل شي.
* وشلون بديت حياتك بعد هذه الحادثة وهل اثر عليك هالشيء؟
– لله الحمد كانت همتي قوية وتعرفت على الشيخ أحمد بن جودر عن طريق عمي صالح.
* هل كان عمك يشجعك؟
– نعم بس مو بالغناوي والطرب، ديوان عمي صالح كان عامر بعلماء الدين وكان عنده أمل اني أتعلم أصول الدين وفعلا كنت ارتل القرآن جدام رواد الديوانية ودرست علومه مع اللغة العربية، من جذيه كنت احب اغني الشعر الفصيح.
داخل الروح
* كيف صار هالتحول وصرت من قارئ للقرآن الى.. مطرب؟
– كنت احس ان موهبتي وصوتي يبون يسلكون اتجاه ثاني وماكان عمي صالح راضياً، لان كل رواد الديوانية كانوا يجون عشان يسمعون تراتيلي الدينية.
* و.. متى بدأ التحول عندك؟
– لما بديت اعشق الموسيقى كانت تتغغلل في روحي، كنت أروح كل مكان فيه طرب وحسيت ان الفن تمكن مني، وهذا خلاني متشوقاً لسماع الموسيقى وكنت اتمنى أمسك ريشة العود عشان أمررها على الاوتار وتعطيني ألحان بداخلي.
* كل هذا وعمك يعتبر ان الفن حرام؟!
– نعم… الا ان وصل العلم للشيخ الجودر فبلغ عمي اللي زعل لانه يعتبر ان الفن مو مناسب للعايلات المحافظة عندها العادات والتقاليد. الفنون عندها عيب كبير.
«سلطنة»
* واشلون كنت تدبر أمورك؟
– كنت أطلب من عازف العود نروح مكان بعيد عن العمران وهناك نسلطن.
* واشلون كنت تسمع الاغاني؟
– المكان الوحيد اللي كنا نسمع فيه الاسطوانات كانت في القهاوي اللي تسمع فيها طول الوقت اسطوانات وكانت خوووش غوانات…
* يقولون قبل كان في حفلات سمر حق الرياييل؟!
– معلوم… كنت اروحلها من وقت لوقت احسن من أيامكم هذي، كل شي عندكم مايجوز وحرام.
* ومتى نقدر نقول انك تعلمت فنون الغناوي؟
– شوف يا وليدي… لما صار عمري خمستعش سنة لازمت الفنان محمد بن شريدة، وهو من رواد التراث عن محمد بن لعبون وعبدالله الفرج وكان في ذاك الوقت الشيخ ابراهيم الفاضل صديق بن شريدة وسمعوني وانا أغني… فعجبهم صوتي وفوقها عطوني عود هدية.
«زنوبة»
* و.. انفتحت الدنيا جدامك عم عبدالله؟
– قبل تعلومنا يبدأ سماعي مو نوتة والموهوب يلقط ويحفظ وكنت ايامها اسمع اسطوانات المطربة المصرية زنوبة.
* وشنو أول شي عزفته.
– اول شي كان صوت «لقد خبراني» لعبدالله الفرج.. وكان يضحك كثر ما اكرر عزفه وغناءه حتى ملو من التكرار لاني ما كنت أعرف غيره وكان هذا في سنة 1927.
* تقدر تتذكر لي أبيات من هالصوت.
– «لقد خبراني ان تيماء منزلا…. لليلى اذا ما الليل القى المراسي وهي شهور الصيف عنا ستنقضي… وما لتوي يرمي بليلي المرامي»
وعقبها تعلمت وتمكنت. يومها طلبو مني اشتغل نهام على سفن الغوص ومكبس على سفن السفر.. هذا الشي خلاني استفيد وأكسب خبرة والمام بفنون البحر.. من هني اشتهرت بين الناس وصار لي جمهور يسمعني.
حبيبتي البحرين
* بعد الشهرة متى وشلون سجلت اول اسطوانة؟
– بعد انتشار اخباري بالخليج والعراق كان يحضر الى الكويت حسن درسة احد مسؤولين استديوهات التسجيل خارج الكويت على اساس يتفق مع المطربين لتسجيل اعمالهم ووقتها مافي احد الا انا وصالح عبدالرزاق الكويتي وعبداللطيف الكويتي ووقتها سجلت اول اسطوانة وتبعها ست اسطوانات.
* وهل تذكر أسماء الاسطوانات؟
– معلوم اذكر… الاولى يامال – والثانية شدو الضعاين – والثالثة يابوفهد – والرابعة بريخة والخامسة قلت آه من لهيب النار – والسادسة ان هند يرق منها المحيا. وسجلتهم في بيضافون سنة 1930م كان صاحبها جورج ابيض.
* انزين عمي بعد الانتشار والسفر وكسبت فنون كثيرة شنو سالفة البحرين في حياتك؟
– كانت مرحلة جديدة لأن البحرين الحبيبة فتحت ابوابها لي واعادوا لي تسجيل وايد من الاغاني اللي غنيتها في السابق وتميزت في (السامري والصوت والبستة والربابة) لان اهل البحرين انعجبوا في هذا الاسلوب اللي تميز بالطابع الشعبي الخاص.
قم بكتابة اول تعليق