محمد العبدالجادر: ماذا بعد الخامس من سبتمبر

تعقد اليوم (2012/9/5) جلسة المحكمة الدستورية بطلب الطعن المقدم من الحكومة على الدوائر الانتخابية وفقا لقانون الانتخابات الذي أقر في 2006، وقسّم البلاد الى ما سمي بنظام الدوائر الخمس أو «نبيها خمس»، ورغم الحق المطلق للحكومة في استخدام الحق للوصول المباشر للمحكمة الدستورية، فإنني من المتحفظين وبشدة على استخدام هذا الحق، لأن موضوع الدوائر ليس موضوعا قانونيا، بل هو موضوع دستوري، وله جوانب قانونية وسياسية، والتحفظ على هذا الطلب بحجة تحصين قانون الانتخابات، وهو طلب يدخل في علم الغيب، ويدخل «المحكمة الدستورية» طرفا في نزاع سياسي في قضية – وفق الدستور الكويتي – تدخل في صلب المادة 80 من الدستور، التي تشير الى ان اقرار الدوائر القانونية بقانون.

ولاشك أن المحكمة الدستورية، وهي سلطة كفل لها الدستور استقلاليتها، ستقول رأيها في الطعن المقدم، وقد يكون مختصرا بعدم الدستورية أو إقرار «الدستورية»، وقد يكون التسبيب مسهبا، وبداخله توجيهات للمشرع بضرورة الالتزام بقواعد مستقبلية تخص «العدالة» و«طريقة التصويت»، ولذلك نحن أمام خيارات سياسية جميعها مزعجة. فأحد الدستوريين يشير الى عودة قانون الدوائر الخمس والعشرين حتى لا يكون هناك فراغ تشريعي، وهو سيكون مثار طعون انتخابية شبيهة بالموضوع الذي تقدمت به الحكومة لتحصين القانون الحالي، الثاني، وهو حل مجلس 2009 واستخدام أداة المرسوم بقانون وفقا للمادة 71 من الدستور، على غرار الإدارة التي استخدمت وعدلت الدوائر عام 1981 من نظام الدوائر العشر الى الدوائر الخمس والعشرين، وهنا يجب العلم أن معطيات ذلك الزمان والتاريخ تغيرت، وان اي تعديل من طرف واحد سيُدخلنا في حالة احتقان سياسي، خاصة امام رفض القوى السياسية والمجتمعية.

السيناريو الثالث هو أن يتم إخراج القانون بعد عرضه للنقاش العام والتفاوض حوله، وقد يكون تحت تأثير الضغط النفسي والمجتمعي. وكل هذه المخارج او السيناريوهات تعتمد على قراءات منفردة وغير علمية وتعتمد على المزاج العام وظروف الساحة السياسية، وهي لا تصلح لقانون وطني يتطلب حدا أدنى من الإجماع، وهو ما تأتى في «الدوائر الخمس»، ولكن من أدخلنا في هذه المتاهة عليه وزر مسؤولية الخروج منها.

د. محمد عبدالله العبدالجادر
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.