خالد الجنفاوي: من تُصَفِّق له اليوم سَيجْعَلُك لاحقاً ألد أعدائه

أعتقد أن الشخصية المستبدة وبخاصة تلك التي تتواجد في مجتمع مدني وديمقراطي معاصر بسبب مفارقات تاريخية اعتباطية هذه الشخصية تشوه العملية الديمقراطية بسبب شخصانيتها وأنانيتها المنقطعة النظير. فالشخصية المستبدة وكما ذكرت في مقالة سابقة بعنوان :”مُستَبِدٌ وَفَوضَوي يُطالب بالحرية !” تحاول التعيش الأناني بما تمنحه الديمقراطية من حرية لكل الأفراد ويمكن اعتبارها مغالطة تاريخية Anachronism. فإذا كان ليس من المعقول تصور أن “يوليوس قيصر استعمل الهاتف أو أن نابليون استقل الطائرة,” فليس من المعقول أيضاً تصور احترام الشخصية الاستبدادية للرأي الآخر “المصدر- المورد” ! إضافة إلى ذلك, أعتقد أن أحد أسباب استغراق البعض في بيئتنا المحلية في الجدل العقيم, وما يبدو سعيهم المتواصل الى التماحك مع الطرف الآخر المعارض لآرائهم يبدو انه ينبع من إمتلاكهم لعقليات استبدادية تنفي حرية الآخرين وترفض بشكل أساسي ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم الديمقراطية.
على سبيل المثال, ليس من المعقول تصور دمقرطة الشخصية المستبدة في ليلة وضحاها ما دامت تجد دائماً فرصاً متوالية لممارسة أنانيتها الشخصانية وما دام البعض يستمر ينبهر ب¯ “كاريزمية” الشخصية المستبدة. فأحد أسباب علو شأن الشخصية المستبدة, في أذهان بعض مؤيديها المخدوعين هو تغاضيهم عن مواجهة الحقيقة المرة. لا يمكن أن تساهم الشخصية المستبدة وبخاصة الأفراد الذين تمرسوا على الصراخ وإطلاق الوعيد والتهديد من على المنصات في تطوير الحياة المدنية والديمقراطية وفق معايير عالم اليوم. فما يجعل بعض الشخصيات الاستبدادية واللا-ديمقراطية تنجح دائماً في تقديم نفسها كمدافع عن الحقوق الديمقراطية للآخرين هو تعيشها الغريب على تردد بعض مؤيديها وعدم رغبتهم في فضح تناقضاتها !
بل ولا يمكن للفرد الحر والمستقل والديمقراطي فعلاً نيل حقوقه والتمتع بعيش حياة إنسانية منظمة ومدنية وقانونية ما دام يؤيد طروحات استبدادية بزعم الديمقراطية, ولا يمكن أيضاً عدم توقع انقلاب الشخصية المستبدة في وقت ما على من أيدها سابقاً. فما هو متعارف عليه في هذا السياق هو “مزاجية وتقلب هوى الشخصيات المستبدة” واحتمالية استعدائها وبشكل سريع جداً لمن أيدها في السابق ! فلعل وعسى أن يتركد البعض ويمعنوا أكثر في سبر أغوار الشخصية المستبدة, وخصوصا تلك التي ترغب في الوصاية الأخلاقية والثقافية والسياسية على مصائر الناس الآخرين.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com

المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.