فوزية أبل: كيف تتوزع قناعات الناخب بعيداً عن الدوائر

كان الرأي العام الكويتي بانتظار حكم المحكمة الدستورية، لمعرفة ما سيؤول إليه موضوع الدوائر الخمس، فإن التجمعات المتتالية في «الإرادة» شدّت الأنظار، ليس من حيث محتوى المطالب، فلا رهان على السياسات والأولويات، وإنما على «قاعدة العدد».

وكأنما أصبحت الغلبة لمن يضمن حشد ألوف من المتظاهرين، وصارت الناس تسأل وبشكل تلقائي: كم عدد الحضور؟ المنظمون يتباهون بأنهم حشدوا 10 آلاف، ومن قبلها 100 ألف، وآخرون يشككون في تلك الأرقام.

الأغلبية (2012) اليوم أكثر ما يهمها هو حشد أكبر عدد من المتظاهرين، والسير وراء لحن «تماسك الكتلة» بكل أطيافها وتناقضاتها، فضلا عن كسب ود شرائح شبابية لتلميع صورتها والتظاهر بأنها قوية (عدديا) أمام الشارع، وأمام السلطة، ومحاولة كسب الجولة الانتخابية المقبلة.

بعد حل مجلس 2009، وفي فترة الانتخابات السابقة، كان واضحا وجود قناعة لدى أوساط الكويتيين بضرورة مكافحة الفساد في المؤسسة التشريعية، الذي يوفر الغطاء لمختلف أنواع الفساد الأخرى، والآن لابد أن تفهم السلطة هذه القناعة، وأن تتفادى الوقوع في أي ممارسات غير دستورية.

وهكذا، فقد التبس الأمر على المواطن بعد انتخابات 2012، لقد أثاروا الحماس لدى الشارع، فأوصلهم إلى المجلس، وإذا بأداء الأغلبية يحبط تلك الآمال ويثير الصدمة.

فالوضع السياسي لابد أن يرمي بتأثيره على الانتخابات المقبلة، كما في مجلس 2009 ومجلس 2012، فإن الصراع سينتقل حتما إلى المجلس المقبل، ومع اختلاف اللاعبين، لا أكثر.

وهذا ما تتطلبه، بالضبط، المرحلة الدقيقة والحساسة التي تمر بها البلاد، في انتظار حكم المحكمة الدستورية، وكيف والبلد مهدد بكثير من الإرباكات السياسية. فمهما تعدلت الدوائر الانتخابية فإن القناعة بكيفية اختيار ممثلي الأمة هي المفترض أن تترسخ في العقول وفي النفوس، وصولا إلى إيجاد مجلس أمة مؤهل لحمل الملفات التنموية والإصلاحية، مجلس أمة مؤهل أصبح من أحلام المواطن النزيه، يتطلب جهدا وطنيا جامعا.

لذلك فإن الشارع اليوم يتطلع إلى خطاب سياسي وإعلامي وفكري مختلف كليا، يساهم في التعبئة العامة، بما يرفع الثقة (إن لم نقل يعيد الثقة) بالمؤسسة التشريعية.

فكيف نتعامل مع قناعات المواطن المحاصر بالاختلافات والصراعات؟ وكيف ندفع هذا المواطن إلى التفكير السوي؟

فوزية أبل
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.