خالد الجنفاوي: البعد عنهم غنيمة

“فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ” (المؤمنون 53).
أعتقد أن الإنسان العاقل ومن يحترم كرامته الإنسانية ويعتز بحريته الشخصية سيبتعد كل البعد عن اللجوجين وعسري الخلق والمتماحكين. فمن يعلى صراخه ويطغى في فجر خصومته ضد من يعارضونه الرأي, البعد عنه غنيمة. فعادة ما يجلب هذا النوع من البشر (اللجوجين والمتماحكين) الفتن والقلاقل لمجتمعهم بسبب تجاوزهم كل مبدأ أخلاقي وتوافق إنساني قبله أغلبية أعضاء المجتمع الآخرين. فاللجوج والمتماحك والفاجر في خصومته لا يعيرون إهتماماً للسلم المجتمعي, بل يتعيش بعض هؤلاء المتماحكين على إثارة الناس ضد بعضهم بهدف تحقيق مصالحهم الشخصانية والموقتة. فالإنسان العاقل والمواطن الحق والذي يرغب في الاستمرار في عيش حياة إنسانية منظمة نوعاً ما وسلمية لا يشارك من قريب أو بعيد أهل المماحكة, فهم شر وبلاء على أنفسهم وعلى من هم حولهم.
بل حين تزيد حدة خطابات الفتن والقلاقل والاضطرابات في بعض المجتمعات وحين يصبح “كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ” (المؤمنون 53), فالإنسان السوي والذي لا يرغب فعلاً في المشاركة في جلب المصائب والفتن والكوارث لنفسه ولمن يهمهم أمره, ينأى بنفسه عن أهل الجدل العقيم ومن يبدو يتلذذون في سخطهم تجاه كل نعمة أنعمها الله عليهم. فنعم الأمن والآمان ونعمة الوحدة الوطنية ونعم التآلف والتعاضد الاجتماعي ونعمة وحدة المصير الوطني هي نعم لا تقدر بثمن, وأمانات في أعناق الأسوياء والوطنيين الذين يقدرونها. فاللجوج والمتماحك والذين يشتمون معارضيهم ويقذفونهم بما ليس فيهم ويعرضون في ذممهم ويخونونهم, فقط لأنهم لا يتفقون معهم في الرأي, هم بشكل أو بآخر فتنة لمن هم حولهم, وبخاصة من يصفقون لهم وفي قرار أنفسهم يكرهون ما يفعلونه!
وفي المحصلة الأخيرة: من يريد أن ينجو بنفسه من شبهة جلب الفتن والقلاقل والاضطرابات لمجتمعه والذي ولد فيه وترعرع فيه وتشرب مبادئه الأخلاقية وثوابته الوطنية سيحرص دائماً على نقاء ضميره الوطني: فالإنسان العاقل ومن تفضل الله عز وجل عليه بنعمة الحكمة ونفاذ البصيرة هو الذي ينفذ بنفسه من طغيان وسطوة وطيش المتماحكين. فلعل وعسى.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.