صلاح الفضلي: جبهة شخير لحماية الدستور

لم أتمالك نفسي من الضحك وأنا أقرأ خبر أن اللجنة التنسيقية التي تعد لتكوين جبهة وطنية لحماية الدستور عقدت اجتماعها في ديوان خالد شخير. ألم تجد كتلة الأغلبية وعلى رأسها السعدون غير خالد شخير ليكون ديوانه مقراً للحملة الوطنية لحماية الدستور؟ هل يُعقل أن يحافظ على الدستور ويحشد الناس لتكوين جبهة وطنية لحمايته من خرج من رحم تشاوريات قبلية؟! أليس لدى نواب الأغلبية شيء من الحصافة لكي يختاروا شخصاً آخر غير خالد شخير لهذه المهمة؟! على الأقل من باب إذا ابتليتم فاستتروا، إذا صح أن من تم تكليفهم من قبل كتلة الأغلبية لصياغة المشروع الوطني لحماية الدستور هم محمد عبدالقادر الجاسم وخالد الفضالة وأحمد الديين، فإنه إذا لم يكن لنا اهتمام بوجود الجاسم لأنه بالنسبة لنا فاقد المصداقية لاعتبارات عدة، فإن عتبنا على الفضالة والديين أن يشاركا بهكذا تحرك، وهما يعلمان عدم مصداقية كثير من أعضاء الأغلبية في الدفاع عن الدستور، وبالأخص العتب على أحمد الديين، فكيف يستقيم للديين أن يشارك بهذا النشاط وهو قبل أيام انتقد النفس الطائفي والتوجه الإقصائي لخطاب كتلة الأغلبية في تجمع ساحة الإرادة الأخير، وكتب بتاريخ 31-8-2012 مقالة قاسية بحق كتلة الأغلبية وشكك في مصداقيتهم؟!
إذا كان أحمد السعدون قد حرص طوال تاريخه السياسي على رفع لواء الدفاع عن الدستور، ورفض من أجل هذا الشعار دخول أحد أمراء القبائل من مرشحي المجلس الوطني المخالف للدستور لمبنى مجلس الأمة عندما كان رئيساً له، فكيف يأتي الآن ليقبل أن يكون ديوان خالد شخير مقراً للإعداد لتكوين جبهة وطنية لحماية الدستور؟ هل بلغ السعدون من الكبر عتياً حتى وصل به الحال إلى الاستعانة بخالد شخير وأمثاله في الدفاع عن الدستور؟! ماذا فعلت وتفعل بنفسك يا السعدون، أما آن لك أن تعيد حساباتك، وأن تلتفت لتتفحص وجوه من هم حولك لترى إن كانوا صادقين في شعاراتهم في الدفاع عن الدستور؟ ويكفيك من ذلك أن تعرف السيرة الذاتية وتاريخ كل واحد ممن تعول عليهم في «حماية الدستور» لتعرف أنك تسير في الطريق الخطأ.
فكرة إقامة جبهة وطنية لحماية الدستور، وإن كانت بحد ذاتها جيدة، إلا أن طرحها من قبل الأغلبية في هذا الوقت المتأخر يدل على حالة التخبط و«التوهان» التي تعيشها، فبعد الصفعة القاسية التي تلقتها في آخر تجمع في ساحة الإرادة عبر الحضور الجماهيري الهزيل، وبعد فشل الأغلبية في تسويق فكرة الحكومة المنتخبة التي رفضها حتى بعض نواب الأغلبية وآخرهم عادل الدمخي، أعادت الأغلبية طرح فكرة الجبهة الوطنية «لحماية الدستور»، بعد سيل الانتقادات التي وُجهت لها بمحاولة الاستئثار والتفرد بالحراك السياسي، ولكن أنى لهذه الأغلبية أن تنجح في فكرة ضم الجميع لجبهة وطنية، وهي التي استمرأت الإقصاء وتهميش الآخرين.
من الواضح أن الأغلبية لايزالون في طغيانهم يعمهون، ولم يتعظوا من درس (صفعة) ساحة الإرادة، فإذا أرادات كتلة الأغلبية فعلاً إعادة الروح لتحركهم، فعليها فعل أمرين بشكل عاجل. الأول توحيد الخطاب السياسي وعقلنته بطرح أمور معقولة ومقبولة، والابتعاد عن الشحن المبالغ فيه. أما الأمر الثاني الذي يجب على الأغلبية فعله فهو التخلي عن العديد من بحارتها حتى تنجو السفينة، لأن هؤلاء إذا استمروا على هذا المنوال فسيغرقون السفينة بمن عليها. أما التعويل على «جبهة شخير لحماية الدستور لإنقاذ الأغلبية» فلا يعني إلا أن «الأسد كبر وغشمرته الواوية»، وأن أسلوب الأغلبية في المرحلة المقبلة هو أسلوب «تكفووون».
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.