ناصر العبدلي: ما يهرول عبث

قرأت مقابلة صحافية لأحد التجار، المشهورين باللف على الوزارات، لتمرير مناقصة هنا، وأخرى هناك لوكالاته الكثيرة والمتنوعة، خاصة في وزارتي الكهرباء والنفط، وقد أعجبني ما ورد فيها من انتقادات وعتب على الحكومة، بسبب ضعفها في مواجهة بعض الملفات، لكنني تذكرت أن المضمون يفقد أهميته إذا كان الفرد ليس متناغما معه في أدائه العملي.
تذكرت أيضا أن البرامج الحكومية التي تقدم للنواب بداية عملهم في كل فصل تشريعي تتضمن نقدا أشد بكثير مما ورد في تلك المقابلة الصحافية، لكنها تفقد قيمتها على الأرض، لأن المحك كما قال المهاتما غاندي في التطبيق وبين النظرية والتطبيق تكمن الحقيقة، وللأسف فإن الحقيقة مفزعة على كل الأصعدة، وهناك عجز واضح عن القيام بأي خطوة يمكن أن تخرجنا من ذلك الواقع المؤلم.
عندما يقال إننا أمة تستحضر الأموات عند كل معضلة تواجهها تصعب علينا المجادلة في مثل ذلك الوصف كثيرا، فكل صراعاتنا على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، هي استنساخ للتاريخ، وتحديدا في جوانبه الخلافية السيئة، وعندما يقول تاجر ما، إنه لم يجد من الأحياء من يستطيع ملء موقع حكومي من الأسرة الحاكمة، فإنه يلوي عنق الحقيقة ليس لتتواءم مع ما يفرضه الواقع، بل لتتفق مع واقعه هو.
الحكومة الحالية لا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال بالحكومات التي سبقتها خلال السنوات الخمس الماضية، فالفرق شاسع حتى نقول إن من بيننا من سيترحم على تلك السنوات العجاف، ورئيس الوزراء الحالي الشيخ جابر المبارك لا يمكن مقارنته بأي حال من الأحوال برئيس الحكومة التي سبقته، فشتان بين مرحلتين، وشتان بين رجلين، والدلائل والمؤشرات كثيرة.
البلد في مأزق لا جدال في ذلك، ومسؤولية ذلك المأزق تتحمله أكثر من جهة، بدءا بالبنى الفوقية، مرورا بالتيارات السياسية، مثل الحركة الدستورية الإسلامية، والتجمع الإسلامي السلفي، والتحالف الإسلامي الوطني، والمنبر الديمقراطي لدورهم التاريخي في الحفاظ على الدستور، وانتهاء ببعض أعضاء مجلس الأمة ممن يريدون اجتراح آليات غير تلك التي حددها الدستور، للوصول إلى أهدافهم، وحتى نخرج من ذلك المأزق علينا الاستفادة من التجارب الماضية، وليس الاستماع لمن خسر امتيازا هنا وآخر هناك.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.