“ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” (الروم 41).
أعتقد أن كل المجتمعات الإنسانية تمر بمراحل إنتقالية تاريخية دراماتيكية نوعاً ما تنقلها من مرحلة بدائية من النمو والتطور الاجتماعي إلى مرحلة مختلفة ربما تكون أكثر تطوراً مما سبق. والعكس يبدو صحيحا أيضاً, أي أنه يمكن أن تأخذ هذه المراحل التطورية الاجتماعية أشكالاً رجعية. ولكن ما يبدو انه يميز كل هذة المراحل الاجتماعية الانتقالية (سلباً وإيجاباً) هو “إنهيار المعايير والقيم والأهداف المشتركة” بين أعضاء المجتمع, ترقباً لما سيحدث لاحقاً, من تطور إيجابي أو رجعية سلبية ! وما يبدو انه يولد الأزمات الاجتماعية والسياسية والثقافية في المجتمع يبدو ذلك المرور الحتمي بتلك المرحلة الموقتة والتي تقع خصوصا في خضم التغيرات الاجتماعية الحاسمة (السلبية والإيجابية). حيث يبدو انه لا توجد بدائل مقبولة من الأغلبية تأخذ مكان ما تم إنتفاؤه أو رفضه من طرق تفكير سابقة.
وما سيكون مريراً جداً بشأن الانتقال من مرحلة إجتماعية إلى أخرى, هو أحياناً بروز ظواهر سلوكية سلبية ومدمرة للوفاق الاجتماعي المتوقع. على سبيل المثال, ستبرز سلوكيات وتصرفات العناد والتحدي المتبادل بين بعض الأفراد. فحين تنتفي مشروعية الأرضية الفكرية والثقافية والاجتماعية المشتركة لأي سبب, يبدو ستنتفي معها أيضاً ضرورة الحفاظ على الوفاق المجتمعي, على الأقل بالنسبة للبعض.
ما الحل?
أعتقد من أجل مكافحة الآثار المدمرة لإنهيار القيم والأهداف المشتركة من المفروض إعادة تذكير أغلبية أعضاء المجتمع عبر حملات توعوية وإعلامية مكثفة بما يشتركون به من تجارب إنسانية وتراث معنوي, بل من المفروض أيضاً أن يتم إعلاء شأن “الحس الوطني” و”المصير الوطني” المشترك في قلوب وأذهان عامة الناس وبالتالي ضرورة حفاظهم جميعا من دون إستثناء على أمنهم المجتمعي ومصالحهم العامة. فلعل وعسى.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق