بانتهاء فعاليات تجمع “ساحة الإرادة” الأخير “لن نتركها تضيع” منتصف الأسبوع، أصبح من المؤكد أن تجمع “نهج” وكتلة الأغلبية المُنتفية يعانيان من وهن أدى إلى انحسار شعبيتهما ومن خلفهما قوى المعارضة الجديدة مجتمعة.
إذ يضاف إلى الحضور المتواضع للتجمع، أنه لم يخل من سقطة مدوية تجهز على رصيد كتلة الأغلبية المُنتفية من التعاطف الشعبي، وهو ما يبدو أنه تحول إلى عادة ترافق تجمعات “الإرادة”، فقد رأينا أثناء تجمع يوليو الأول الدكتور عبيد الوسمي يستخدم ألفاظاً مثل “الخنازير” و”يا أنثى” و”أدوس عليك”، سرعان ما تنصل منها زملاؤه بالأغلبية، ثم تبنى النائب مبارك الوعلان خطاباً طائفياً تحريضياً في تجمع أغسطس الثاني، ولم يعارضه أحد، ليختم النائب وليد الطبطبائي تجمع “الإرادة” الثالث في سبتمبر بتصريح أن “الشيخ جابر المبارك سيكون آخر رئيس وزراء من ذرية مبارك، وأن من سيأتي بعده سيكون أول رئيس وزراء من الشعب”.
وبعيداً عن الإطار الكوميدي الساخر الذي حاول فيه النائب الطبطبائي إظهار تصريحه فيه، تجب الإشارة إلى أن المادة (56) من الدستور تنص على أن “يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية ويعفيه من منصبه، كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء”، وترجمة المادة فعلياً تبين أن سمو الأمير وحده صاحب الحق المطلق في اختيار من يراه مناسباً لتولي منصب رئيس الوزراء سواء من ذرية مبارك أو من خارجها، فلا ينازعه في ذلك أحد ولا يملي عليه أحد أي اشتراطات، وبالتالي فإن الحديث عن هذه المسألة لا يخلو من منازعة سمو الأمير في واحدة من مطلق صلاحياته، وعليه يكون كلام النائب وليد الطبطبائي ساقطا دستورياً.
تصريح النائب وليد الطبطبائي بأن “الشيخ جابر المبارك آخر رئيس وزراء من ذرية مبارك” أسنده إلى المادة (6) من الدستور الناصة على أن “نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور”، وترجمة هذه المادة عملياً تكون من خلال ممارسة الشعب لسيادته عن طريق ممثليه بمجلس الأمة وعملهم البرلماني، وليس من خلال تفسير قاصر ينطلق من منصة توضع منتصف الساحة المقابلة له.
تصريح النائب وليد الطبطبائي حتماً جبّ ما قبله من تجمعات وأنشطة وتصريحات لكتلة الأغلبية المُنتفية، ووضعها في خانة محرجة، فقد اختزل كامل مطالباتها بموضوع رئيس الوزراء الشعبي، وهي نقطة فاصلة داخل الكتلة لن تقدر على تجاوزها بعد هذا التصريح، ولن تستطيع التنصل منها أو تبنيها، لأنها مسألة غير محسومة بين أعضائها حتى الآن، ولهذا ستكون تداعياتها وارتداداتها عنيفة سواء بنفيها أو تأييدها.
ومن تجمع “الإرادة” وتصريح النائب وليد الطبطبائي إلى الجبهة الوطنية لحماية الدستور، التي تأسست بداية الأسبوع لتكون وجهاً جديداً لوجوه الأغلبية المُنتفية، ومنصة إضافية لإيصال رأي بعض أطراف الأغلبية المُنتفية للمجتمع، وإظهار رأي أقلية الأغلبية وكأنه رأي عام من خلال ترديده عبر أكثر من جهة كالجبهة، وتجمع “نهج”، واللجنة التنسيقية لكتلة الأغلبية، إضافة إلى أنها ولدت ميتة، فمن يقودونها يغلب عليهم الطابع الصدامي، وربما يكون هذا سبب عزوف التيارات السياسية عن المشاركة فيها، ولعل ما يؤكد هذا النفس الصدامي لمن قاد تشكيل الجبهة أنه اشترط على من يرغب في الانضمام إليها أن يوافق على كل ما سيأتي ضمن برنامجها وإلا فلا يشارك، وهذه الآلية بالتأكيد لا تصلح سوى لانتقاء أعضاء تنظيمات سرية راديكالية، ولا تصلح لتأسيس جبهة وطنية الهدف منها توحيد الصف والوقوف على أرضيات مشتركة.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق