في غمرة رحلة المسبار الأميركي كريوستي التي غزت بها الولايات المتحدة كوكب المريخ، تأكد أن الدول المتقدمة تتمايز وتتباهى بين بعضها البعض بإنتاجها ومساهماتها العلمية، والثقافية، الناتجة عن منظومتها التعليمية الجادة، التي صارت المقياس الرئيسي لمستوى التقدم أو التخلف.
لقد برهنت «كريوستي» أن التعليم بات اليوم أس الحياة، وأحد أهم القواسم المشتركة، بين الدول المتحضرة، المهتمة بتطويره، والساعية لتكوين بنية تربوية/تعليمية حديثة ومتطورة، مسؤولة عن تربية وبناء الأجيال، ووقايتها من أمراض الجهل والتخلف.
وعليه، لم يعد مقبولاً – قطعاً – اليوم، أن نستخف أو نهمل التعليم، كما هو حاصل بين ظهرانينا الآن في الكويت، كما أنه لم يعد مناسباً، أيضاً، أن نكتفي بما لدينا من مناهج الحشو التي تعتمد على التلقين الذي طوته أراشيف التاريخ!
ولا يليق بنا، أيضاً، وقد اقتحمنا الألفية الثالثة، أن نهمل الجانب الفكري والإبداعي الذي ينمي مدارك الإنسان ويكشف ملكاته وميوله، ونجعل هدفنا من التعليم محو الأمية، وفك الخط، والحصول على الشهادات والمؤهلات بالطرق الملتوية!
وأضيف قائلاً، إنه من غير المقبول، أيضاً، أن يتولى مسؤولية تربية أبناء الكويت، ويؤتمن على تعليم فلذات الأكباد، من يمارس مهنة التعليم بحثاً عن كادر هنا أو ميزة مالية هناك، أو حتى أولئك المتعطشين للعطل والإجازات! أو لأكون أكثر دقة، غير المؤمنين بالعلم، ولا يمتلكون قدرات ومهارات المعلم، ممن يلوذون بالوظيفة هرباً من جحيم الاقتصاد!
ولا يفوتني تأكيد أنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال أن نجعل التعليم مختبراً وزارياً للتجريب والاجتهاد العشوائي المروع! وأن يتم كل ذلك بعيداً عن الدراسات والتقارير العلمية المعتمدة التي تصب في توجه الدولة وخططها المستقبلية ومشروعاتها المتعلقة بتنمية الموارد البشرية، وبتطوير الأفراد، وذلك في ضوء حالة اللااستقرار التي تمر بها حقيبتا التربية والتعليم العالي!
ومن نافل القول، التذكير بأهمية حماية التعليم من كل الصراعات والتجاذبات السياسية، وإبعاده عن المصالح والترضيات والمجاملات والمحسوبيات، مع ضرورة إعادة النظر في التشريعات والقوانين المتعلقة بالتعليم لتطويره، ليتماشى مع الحداثة منهجاً وبرنامجاً.
ومقتضى الكلام، أنه مع استحضار رحلة المريخ، فإن من المؤسف القول، إنه بفضل العلم سار الأميركان على سطح القمر ثم وطئوا المريخ، وفي غياب خطط التنمية وسرقة المال العام، يهمل التعليم ويترك لينهار، لذلك نتساءل بإشارة ممتعضة، لماذا نكتفي بالسير على صفيح ساخن؟
د. فهد العبدالمحسن
Fahad31q8@hotmail.com
DrFahad_q8@
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق