المواطن في البلدان المحترمة هو رأسمال الحكومة الحقيقي، فله تعمل الحكومات، وبه ينمو البلد وحوله تدور القوانين والإجراءات والمشاريع، فكل هذه الأمور توضع إما لمصلحته المباشرة أو لحماية مصالحه المختلفة، ومعيار التنمية الحقيقي في العالم هو التنمية البشرية الفعالة.
أغلب مشاكل الحكومات مع المواطنين في العالم هي مشاكل اقتصادية صرفة، هناك مشاكل كبرى حول حسن إدارة الميزانية العامة والبطالة والضرائب ومعاشات التقاعد ودعم المواد الأساسية وأوجه صرف المال العام ومحاربة الفساد المالي، إنها قضايا معاصرة مشتركة في المجتمعات تعاني منها الدول.
الصراع في الكويت لا يخرج عن هذه الأمور، ومن عجيب ما قرأت في تحليل الدواعي الأساسية لمطالبات أهل الكويت في المجلس التشريعي 1938 أن بدايتها كانت أسباباً اقتصادية صرفة بسبب الركود الاقتصادي، الذي طغى حول العالم آنذاك وتضررت منه الكويت، بالإضافة الى انحسار الغوص على اللؤلؤ كمصدر أساسي للعمل، فتداعى الكويتيون للمطالبة بالمشاركة الشعبية للارتقاء بمستوى المعيشة للمواطنين وفك التحالف الاحتكاري القائم بين بعض التجار والحكومة.
اليوم.. والكويت في ظل وفرة مالية غير مسبوقة في تاريخها المعاصر بعد سنوات عجاف من تراجع الدخل أيام انخفاض سعر النفط، وبعد مصاريف قاهرة خلال حروب الخليج الأولى والثانية، تنعم بفضل الله بفائض مليارات تكفي لتحويل أفقر بقعة في العالم إلى أفضل بلد فيه، لو تم استغلالها بالشكل الأمين والصحيح، فكيف لو كان هذا البلد مهيأ من الأساس اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا مثل الكويت؟
ماذا تنتظر الحكومة لتباشر عملها؟ ماذا تنتظر الحكومة لإقامة مشاريعها؟ ماذا تنتظر لإعلان رؤيتها لكويت المستقبل بشكل واقعي وجاد؟ ماذا تنتظر لتصحيح مسيرة البلد المعوجة؟ ماذا تنتظر لوضع الحلول الناجعة لمشاكل شباب الوطن التعليمية والوظيفية والإسكانية؟ ماذا تنتظر لتأسيس مصارف دخل موازية بديلاً عن النفط الناضب؟ ماذا تنتظر لإقامة مشاريع قومية ووطنية كبرى تنطلق بالبلد إلى جنب الدول الأخرى، بل وتسبقها كما فعلت في الخمسينات والستينات؟ ماذا تنتظر لتحسين نوعية الخدمات الصحية والاجتماعية ووسائل النقل والاتصال؟
تستطيع الحكومة أن تكسب قلب المواطن الكويتي بالكامل وتسرق فؤاده لو قامت بعملها بشكل صحيح وطبقت القانون بعدالة، ولكن للأسف، هناك من خدعها بأن الطريق لقلب المواطن هو توزيع الفلوس وزيادة المعاشات وإسقاط القروض، وهي كلها إبر تخدير لا تلبث أن تفقد جدواها .. فمتى تستوعب حكومتنا الموقرة؟ .. والله الموفق.
وليد عبدالله الغانم
waleedalghanim.blogspot.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق