خالد الجنفاوي: خطاب الكراهية:”حَلْ لِسَانَكْ كل الناس تصير خِلاِّنِكْ”

” وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” (الحجرات 11).
أتمنى شخصياً لو يتحقق على أرض الواقع توجه بعض النواب السابقين في عزمهم التوقيع على “وثيقة نبذ خطاب الكراهية” بين مكونات المجتمع الكويتي. ومع أن جانباً معيناً في اقتراح مكافحة خطاب الكراهية ربما يكون مبالغا فيه بعض الشيء, ولكن الإعلان عنه خطوة على الطريق الصحيح. فخطاب الكراهية “Hatespeech” خصوصا الذي يحدث في سياق التحضير للإنتخابات البرلمانية يتناقض مع “حرية الرأي والتعبير المسؤولة”. ورغم ذلك, أعتقد أن إتفاق بعض الناشطين على نبذ خطاب الكراهية في طروحاتهم وفي تعليقاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي, وفي نقدهم للطرف المعارض ربما يدل على بداية تكرس نضجا ديمقراطيا إستثنائيا, ربما يبشر بمزيد من التطورات الايجابية على الساحة المحلية. على سبيل المثال, يقول الفيلسوف والكاتب الإنكليزي المشهور لورد شيستيرفيلد :”يمكن للإنسان أن يتعافى من جروح عدوه, ولكن لن ينسى إهانته وازدرائه وتحقيره له” (بتصرف). فيصعب مثلاً أن يتجاوز الإنسان الكريم الإهانة الموجهة إليه من الآخرين وذلك بسبب شعوره بالتحقير والإزدراء من قبلهم, بل سيؤثر خطاب الكراهية على وحدة المجتمع الوطني فهو يضعف العلاقات الاجتماعية الايجابية ويستبدلها بالشك والرفض المتبادل.
إضافة إلى ذلك, يتناقض خطاب الكراهية مع “ثوابتنا الوطنية الكويتية” فلا نزال ككويتيين نعيش في مجتمع متوحد ومتآلف لم يفقد بعد أحد أهم ميزاته الأخلاقية التاريخية, مجتمع الأسرة الكويتية المتوحدة, بل تتجلى في ثقافتنا المشتركة هذه النزعة الكويتية الإيجابية في استخدام خطابات المحبة والأخوة والتعاون والتعاضد بين مكونات مجتمعنا. فيقول رعيلنا الأول: “حَلْ لِسَانَكْ كل الناس تصير خِلاِّنِكْ” أي من المفروض على المواطن الكويتي الحق التمسك بأواصر المحبة والاحترام المتبادل بين شرائح المجتمع, فإذا كان مصيرنا الوطني واحدا, فتراثنا المعنوي والأخلاقي الأصيل يدعونا دائماً الى نبذ خطاب الكراهية. فالشخصية الكويتية النمطية عُرِفَ عنها ميلها للذرابة والأدب في الحديث وبخاصة بين مواطنين كويتيين يتشاركون بمبادئ وتطلعات وتجارب إنسانية كويتية خالصة.
ولكن من المفروض أيضاً تذكر أن ثمة فرقا كبيرا بين الشعارات الرنانة التي يطلقها البعض أحياناً بزعم مكافحة الظواهر الاجتماعية السلبية وبين التطبيقات الفعلية. فيتحمل من يقترح نبذ خطاب الكراهية مسؤولية تطبيق هذا الأمر قبل الناس الآخرين! فلعل وعسى.
* كاتب كويتي

khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.