تزايدت في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ظواهر الاستهزاء والسخرية من المسلمين، بالتعرّض إلى ما يُعتبر رمزاً للدين الإسلامي، سواء الشخصيات التاريخية أو القرآن الكريم، أو بالتعرّض إلى الشكل الخاص المعبّر عن هوية الإنسان المسلم، كالحجاب أو إطالة اللحى وغيرها. وبالطبع فإن هذه التعرّضات تثير حفيظة وغضب كل من ينتمي إلى الدين الإسلامي باعتبارها مساسا. لماذا التعرّض للمسلمين بهذه الصورة الساخرة؟ أليس وراء ذلك ما وراءه؟
يبدو أن «الآخر المختلف» (أو بعضه) درس نفسية المسلمين من العرب وغيرهم، وتكوينهم العاطفي والثقافي، واختار الوسيلة المناسبة لاستفزازهم، لأنه مدرك تماما ردة الفعل ومداها ووسائل المسلمين في التعبير عن غضبهم، وهي غالبا ما تتسم بالعنف المباشر (القتل، الحرق، التدمير.. إلخ) وغير المباشر والظاهر في الخطابات المطعّمة بالمفردات العنيفة (اللعن، السبّ.. إلخ)، وهذا يخدم «مصالح» بعض البشر وخططهم السياسية والاقتصادية. والمسلمون، من حيث يعلمون أو لا يعلمون، يساهمون في الإسراع إلى تحقيق هذه المصالح!
عندما يرفع المسلمون شعار «كلنا أسامة يا أوباما»، وكل العالم يعلم من هو أسامة (بن لادن) حتى بعد موته، فإن هذا سيؤكد لغير المسلمين مدى ارتباط المسلمين بالعنف والكراهية ضد الآخر، فإذا كان بعض المسلمين يعتبرون أسامة رمزا للجهاد، فإن غير المسلمين يعتبرونه رمزا للإرهاب. وبالطبع، سيؤثر ذلك في اي محاولات للتقريب بين الأديان، وهذا يضر بمصالح البعض.
لنكن أقرب الى الواقع، ونتساءل: لماذا تمت إعادة نشر هذا الفيلم السمج السخيف في هذا التوقيت بالذات، مما حدا بالرئيس الاميركي باراك اوباما إلى ان يأمر بإرسال مدمرتين حربيتين نحو سواحل ليبيا؟.. ويجب ألا ننسى أن انتخابات الرئاسة الأميركية ستتم في شهر نوفمبر المقبل!.. ألا يدعو هذا الأمر الى التساؤل قبل القيام بأي فعل عنيف؟
أنتجوا فيلما يسيء للرسول (صلى الله عليه وسلم)، ويتهم المسلمين بالإرهاب، فكان رد فعل بعض المسلمين عليه إساءة أكبر للرسول (صلى الله عليه وسلم)، وتأكيد الإرهاب على أنفسهم!
أتمنى ألا يكون الإسلام والمسلمون ألعوبة بسبب رؤية ساذجة لكثير من المسلمين لما يدور في العالم، وان يتم التحلي بأخلاق الإسلام في الأفعال وردودها، لا أن يكون الإسلام مجرد شعار يردد. الكثير من المسلمين يوجعهم الكره الكامن في نفوس بعض هذا «الآخر المختلف»، ولا يوجعهم الكره الكامن في نفوسهم لأنفسهم قبل الآخر!
وأخيرا، رسالة قصيرة لمن رفع شعار «كلنا أسامة يا أوباما» عند السفارة الأميركية في الكويت: دماء ابن خالي النقيب حمد الأيوبي ودماء رفاقه ليست ماءً يا سادة!
أسيل عبدالحميد أمين
AseelAmin@
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق