11 نوفمبر المقبل، هو موعد تاريخي لدولة الكويت، فهو يعني مرور 50 عاماً على صدور وثيقة الدستور التي تعبر عن محاولة جادة من قبل المؤسسين الأوائل والحاكم لرسم طريق جديد وحداثي للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكويتية في بيئة الجزيرة العربية العشائرية. لكن مرور نصف قرن لا يعني سيادة العمل بمظلة الدستور، وتلك هي إحدى نكسات دولة القانون.
ماذا حدث في الماضي؟ وماذا يحدث اليوم بعد مرور كل هذه المدة التي تعد زمناً كافياً يمكن تقييم إنجازات المجتمعات بموجبها؟
واجهنا تعليق العمل بالدستور مرتين في 1967 و1986، حدث الغزو العراقي عام 1990، شُرعت قوانين مخالفة للدستور، استمرت الدولة على النهج الريعي وغير المنتج، لم نستفد من النفط كما يجب في تكوين قاعدة بشرية وصناعية، ولم نهتم بتدريس شؤون الطاقة والبحار، انحازت السلطة إلى تجميد أي تفكير لتطوير الدستور حتى في المراحل التي كانت طبيعة القوى السياسية مواتية في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، توقف أي تطوير جدي لمؤسسات الدولة التنفيذية من وزارات وهيئات إلى أن أصبحت عبئاً سياسياً على الدولة أوصلها إلى مرحلة المرض، تعاملنا مع التعليم على أنه حقل تجارب وخضع للنزاعات السياسية منذ ثمانينيات القرن الماضي ولا يزال، تراخينا في دعم القطاع الخاص ما أدى إلى تزايد الضغوط الشعبية على الحكومة في شأن التوظيف وبأي طريقة كانت، ولم تعد لدينا القدرة على التعاطي مع الفوائض المالية الكبيرة فصار علاجها بمنح الهبات وزيادة الرواتب وإسقاط قروض المواطنين!
هذا ما حدث، وما نحصده اليوم وما نراه من تشنج سياسي واجتماعي ما هو إلا حصيلة 50 عاماً من عدم القبول باللعبة التي رسمها الدستور.
التقارير الدولية تضع الكويت كدولة في تصنيف الدولة الفاشلة، وأخيراً حازت الترتيب الثالث خليجياً في هذا المضمار مع الأسف… دولة فاشلة مع غناها ومحدودية عدد سكانها وهنا التناقض! ونعلم أن أحد جوانب تعريف الفشل هنا هو عدم القدرة على حل المشاكل، وهي الصورة الكويتية الماثلة.
الوضع جد محير في الكويت، فأنت لا تجد أن الحراك الشعبي الدائر في الساحة يعبر عن طموح شرائح المجتمع، بل يختلف كثيرون حول منطوق هذا التحرك وبعض شخوصه، ومن جانب آخر فإن أحداً لا يستطيع أن يقدم دعمه وتشجيعه للتشكيلات الحكومية ومنها الأخيرة لأنها غير قادرة على إنجاز الملفات العتيقة بدلاً من المستجدة.
فإلى أين نحن سائرون بالكويت؟ وهل من مبادرة من الحكم لإنعاش هذا البلد الصغير؟
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق