«اسمع يا أوباما.. كلنا أسامة»، هذا الهتاف ردده بعض المتظاهرين الغاضبين الذين احتشدوا أمام السفارة الأميركية في الكويت قبل أيام، احتجاجاً على الفيلم المسيء للنبي الأكرم، صلى الله عليه وسلم، والذي أنتجه مخرج أميركي من أصل إسرائيلي.
إذن بالنسبة إلى هؤلاء المحتجين ولآلاف مؤلّفة أخرى في الدول الإسلامية، فإن أسامة بن لادن هو النموذج المثالي للمسلم المجاهد الذي يدافع عن دينه، ولذلك فهم يهتفون باسمه ويعتبرونه مثالاً يحتذى، وهو أمر لم يقتصر على الكويت فقط، بل كان شعاراً للمتظاهرين في كل من تونس والمغرب وليبيا، وبالتالي فهي قناعة عند من يحملون الفكر الجهادي المتطرف -وهم كثر- بأن السبيل لمواجهة الإساءات التي توجه للدين الإسلامي بين الحين والآخر من قبل الغرب هو في اتباع نهج «أسامة».
أتباع أسامة لم يكتفوا بإطلاق شعار «كلنا أسامة»، بل مارسوا فكر أسامة وقاموا بقتل السفير الأميركي وثلاثة آخرين في ليبيا، بعد اقتحامهم للسفارة الأميركية في مدينة بنغازي. لست حزيناً على مقتل السفير الأميركي، وأميركا تستحق أن ينالها العقاب على ازدواجيتها في المعايير عندما تُجرم أي تشكيك في مزاعم محرقة الهولوكوست، أو التحدث عن مخططات اليهود، بحجة معاداة السامية، في حين تتذرع بحرية التعبير عندما يتعلق الأمر بالإساءة لمعتقدات المسلمين.
ما يحزنني هو أن يكون نموذج الاقتحام والتخريب والقتل هو النموذج الذي يعرضه هؤلاء المتطرفون للعالم في دفاعهم عن رسول الرحمة. هل لو بُعث رسول الله هذه الأيام كان سيرضى بما يفعله من يدعي أنه من أتباعه ومن المدافعين عنه؟! هل هذا هو النموذج الإنساني الذي جاء به محمد، صلى الله عليه وسلم، رحمة للعالمين؟ وهل هذا هو النموذج الذي نقدمه للعالم وندعوهم فيه إلى اعتناق الإسلام، في الوقت الذي يقوم به أتباع «كلنا أسامة» بتشويه الإسلام عبر أفعال همجية تنم عن وحشية حيوانية؟!
هل يمكن أن نلوم الشعوب الغربية إذا أخذت فكرة سلبية عن الإسلام واعتبره البعض دين عنف وقتل، وهم يرون تصرفات المسلمين من أتباع «كلنا أسامة». قبل أن نلوم الغرب على ازدواجية معاييره؟ علينا أن نلوم أنفسنا، لأننا نقدم للعالم نموذجاً قبيحاً متمثلاً في جماعة «كلنا أسامة».
تعليق: يبدو أن التصريح المنسوب لأحد البرلمانيين الإيرانيين (محمد كريم عابدي) عن استعداد إيران للدفاع عن»أتباع أهل البيت في الكويت» إذا ما تعرضوا للخطر، وهو التصريح الذي نفى رسمياً صدوره رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي، هذا التصريح تلقفه بعض محبي «أسامة»، وكأنه نزل عليهم كمائدة من السماء، وأخذ الكثيرون -ومنهم مولانا الشايجي- في التطبيل والردح على أنغام هذا التصريح، كدليل على أن إيران تخطط لغزو الكويت. لا أعتقد أنه يُرجى من هؤلاء خيراً، لأنه قد بدت البغضاء من أفواههم، وما تخفي صدورهم أعظم.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق