داود البصري: البرامكة الجدد وغزو واحتلال الكويت

يبدو أن بعض التافهين في مؤسسات النظام الإيراني الأمنية أو البرلمانية لم يتعظوا من دروس الماضي القريب, و لم يتعلموا شيئا , وهم فتئوا ينسجون الخيوط و الحبال التآمرية التي سيشنقون بها في النهاية رقابهم التي طالت و أستطالت كثيرا و أكثر مما هو مسموح به! و التهديدات العبثية الجوفاء التي أطلقها بعض الصفويين في طهران و منهم البرلماني كريم عابدي و رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني الآغا كاظم جلالي هي آخر التقيؤات التي جاد بها الفكر العنصري المتحجر الصلف في إيران , فأولئك النماذج من القادة هم من دون شك أعمدة الخراب الكبير الذي سيحيق بإيران و شعبها المنكوب بمثل تلك النماذج المريضة من القادة المسعورين و المستكلبين و الفاقدين لأي ضمير أو أخلاقية و منطق في التعامل مع الأمور و الأزمات , ولكن ثمة حقيقة قد تجسدت عبر مسلسل التهديدات الإيرانية الجوفاء و المستمرة و المنطلقة من أفواه رموز عديدة و مختلفة في السلطة الإيرانية الضائعة في بحور الفوضى و العبثية و الخراب وهي تراقب إحتمالات المستقبل القريب و تضييق الدائرة عليها و إنقطاع أرزاقها وقطع ذيولها و إستئصال عملائها في الشرق القديم , تلك الحقيقة هي أن عدوانية النظام الإيراني ثابتة و أصيلة و مستقرة في نخاع الخلايا العظمية لذلك النظام و الذي لا يمكنه الإستمرار من دون إثارة الأزمات و خلق الزوابع و إحداث المشكلات , وتهديد دولة الكويت بالغزو و الإحتلال ليس بالأمر الجديد بالمرة بل أنه أحد سيناريوهات الرد الإيراني العسكري في المنطقة و احد التصورات الكامنة في فكر بعض الغلاة و المتعصبين في طهران حول ضرورة تنفيذ ذلك الفعل للإسراع بظهور الغائب المنتظر! وهي نظرية “الحجتية” التي يعتقد بها و يبشر بطروحاتها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وهو يعيش اشهر ولايته الأخيرة والتي لا تمديد بعدها , والكويت هي الحاضر الغائب الدائم في فكر و سلوك النظام الإيراني وهي كالعادة التفاحة المسمومة التي لن يستطيع دهاقنة الحقد البرمكي في طهران قضمها أو إبتلاعها , فقد حاول من هو أكبر منهم ذلك فكان مصيره مانعرف و تعرفون , ولعل حجة الدفاع عن “آل البيت” التي يطلقها مجانين طهران و مشعوذوها تتشابه مع حجة “عودة الفرع للأصل” الصدامية أو نظرية ( قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق” و التي كانت نتيجتها قطع عنق قائلها!!
الكويت كما أكدنا مرات عديدة تظل الهدف الإيراني المركزي و نقطة الإلتقاء في الحقد البرمكي خصوصا بعد فشل مؤامرة البرامكة في مملكة البحرين بفضل تصدي القيادة و الشعب هناك لرموز تلك المؤامرة و بسبب الموقف الخليجي الموحد عبر ستراتيجية قوات درع الجزيرة والتي أجهضت المؤامرة في فصولها التنفيذية الحاسمة مما أفقد النظام الإيراني الوعي و الشعور وبات يضرب خبط عشواء و يأمر عملاءه في لبنان و العراق وبعض الجيوب المعروفة في الخليج العربي بتنفيذ الجزء الثاني من تلك المؤامرة الخسيسة وهي إثارة الحملات الإعلامية الساقطة و المتهاوية حول دعاوى “المظلومية و الإستضعاف وبقية المصطلحات والصيغ الخداعية المعروفة”!! والتي أضحت مكشوفة وعارية حتى من ورقة التوت , لقد كانت تهديدات عابدي وجلالي مفضوحة بالكامل في تأكيد سيناريو “الجماعات الإيرانية الساكنة” من العقارب الطائفية التي تعيث في المنطقة فسادا , إضافة للدور المركزي الذي تؤديه التنظيمات الصفوية و البرمكية في العراق والتي أشار أولئك البرامكة لهم بالإسم كـ “فيلق القدس” لصاحبه قاسم سليماني الذي يدير توجهات السياسة العراقية اليوم الخاضعة بالكامل له ولوليه الفقيه , وجماعة أو عصابة “فيلق بدر” التي يقودها وزير النقل العراقي و العميد في الحرس الثوري الإيراني هادي العامري و التي شكلت هي الأخرى عصابات عراقية من الباطن كـ “العصائب” و الصدريين و أسماء و مسميات طائفية مريضة أخرى , الإيرانيون يراهنون بصراحة على عملائهم الإقليميين وعلى الأفاعي التي ربوها ورعوها في مؤسساتهم العدوانية و التي يحاولون إستثمارها في “اليوم البرمكي الموعود”! وحيث يتوالى مسلسل الإنهيار السياسي و العسكري و الفكري الإيراني بسبب تطورات الثورة الشعبية السورية والتي بإنتصارها القريب ستوجه طعنة نجلاء لكل أسس المشروع الإيراني العدواني المريض و منطلقاته الفكرية والطائفية السقيمة , لا مندوحة عن القول اليوم بأن الكويت تواجه كقدرها الدائم عبر التاريخ الحديث تحديات أمنية وسياسية كبرى وهي اليوم في قلب العاصفة بل أن سيناريوهات المأساة لم تزل قائمة وعبر المراهنة على ملف الفتنة الداخلية و الطائفية و التي لا وجود لها إلا في فكر الغلاة و المنحرفين و المجرمين , فالكويت شيعة وسنة على قلب واحد تحت القيادة الشرعية في حماية الوطن و الإستقلال و العض بالنواجذ على الهوية الوطنية الجامعة المانعة التي هي فوق كل العصبيات القبلية و الدينية و الطائفية , وتخرصات البرامكة الجدد ليست سوى أضغاث أحلام و تفاهات لبعض التافهين من المهلوسين و المشعوذين , ولكن ذلك لايعني أبدا الإطمئنان و إغماض العين , فكل الخيارات ممكنة ومفتوحة وعملاء النظام الإيراني وخلاياه السرية تمتلك إمكانيات واسعة ومعروفة للرد و التصعيد و تفخيخ الأجواء وحقن الأحقاد , وملف الحقد الإيراني بدلالاته الفكرية و السلوكية قد فضح على الآخر ومالتهديد باحتلال الكويت لحماية أهل البيت كما يرجفون إلا حجة رخيصة لعناصر ساقطة تجاوزتها الأحداث , ولكن الحذر ثم الحذر من رؤوس الفتنة البرمكية و من مكر العصابات الطائفية المجرمة في العراق والتي بانت حقيقتها للعالمين وسيلفظها التاريخ كما لفظ كل العتاة و المجرمين… الكويت و البحرين خط أحمر وسم زعاف ستمزق حرارته أمعاء البرامكة الجدد الذين آن أوان قطف رؤوس فتنتهم.
كاتب عراقي
dawoodalbalbasri@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.