ناصر العبدلي: الحل في الصوت الواحد

كل مشروع ديمقراطي يتطلب جملة من الآليات لإنجاحه، ففي فرنسا مثلا هناك نظام خليط بين الرئاسي والبرلماني، لكنه يعتبر الأكثر رقيا بين الأنظمة الديمقراطية حتى على مستوى تقسيم الدوائر للجمعية الوطنية المنتخبة مباشرة من العامة، وهناك أيضا النظام البريطاني الذي يقوم على مناصفة السلطة مع الميلان قليلا للأغلبية البرلمانية، والمثال الثالث هو النظام الأميركي الذي ينتخب خلاله الرئيس بشكل مباشر، وهو يعين سكرتارية له يساعدونه في إدارة البلاد وليس وزراء.
في الكويت النظام خليط فيما بين الرئاسي والبرلماني أيضا مع توزيع منظم وفريد للسلطات، وتقوم فكرته على مبدأ المشاركة في اتخاذ القرار، وفي هذه الحالة يفترض أن يكون عدد الدوائر مرتبطا بعدد النواب وليس الأعضاء، على اعتبار أن هناك 16 عضوا يجري تعيينهم وليس انتخابهم، أي يفترض أن يكون لدينا خمسون دائرة، وصوت لكل ناخب، لكن بسبب الأخطاء التي شابت العملية الديمقراطية كان الأفضل تقليل عدد الدوائر وليس زيادتها للقضاء على تلك الشوائب.
العملية الانتخابية تعثرت بسبب شراء الأصوات من خلال المال السياسي، كما تعثرت بسبب ما يسمى بالانتخابات الفرعية، وهي انتخابات تجريها القبائل في بعض الدوائر لتحديد مرشحيها للانتخابات البرلمانية، وكانت تجرى في فترة الخمس والعشرين دائرة لتحديد مرشحين في كل دائرة، وتجرى الآن في فترة الدوائر الخمس لتحديد أربعة مرشحين بسبب زيادة عدد الأصوات إلى أربعة، كما تعثرت تلك التجربة بسبب ما يسمى بنقل الأصوات من دائرة إلى دائرة.
التجربة خلال كل تلك السنوات أثبتت أن المعضلة ليست في عدد الدوائر بل في عدد الأصوات الممنوحة لكل ناخب، فالصوتان سهلا الانتخابات الفرعية ونقل الأصوات، وكذلك الأصوات الأربعة، مما يتطلب إعادة النظر فيهما، والحل يكمن في الصوت الواحد لتجاوز كل تلك العثرات التي صاحبت العملية الانتخابية، ومهما كان عدد الدوائر فالقضية باتت محسومة.
القضاء على كل العثرات في العملية الانتخابية ليس ممكنا لأن المشكلة الحقيقية هي مشكلة أخلاقية في المقام الأول، لكننا يمكن أن نتجاوز كثيرا من العثرات من خلال محاصرتها بالآليات القانونية، حتى نضمن نظاما انتخابيا يؤدي إلى إنتاج مجلس متناغم قادر على العبور بنا إلى مشروع التنمية الذي نريد، وقادر أيضا على تمثيل كل الفئات والمكونات التي يتكون منها المجتمع الكويتي، وليس كما يحدث الآن من فوضى تسبب بها نظام التصويت الحالي.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.