حسين الراوي:الشعب طيّب وابن حلال

نحن شعب طًيب وابن حلال ومن غير قصد أرهقنا وطننا العزيز بقضايا متفرّخة بشكل دوري دون توّقف، حتى أصبحت مشاكلنا في كل ميدان وحارة وشارع، بينما المنطق يقول من المفترض أن تكون بلادنا هادئة جداً والابتسامة الشفافة ملتصقة على فم كل مواطن ومواطنة في الكويت، هذا لأن أرضنا صغيرة وشعبنا قليل وميزانيتنا كبيرة جداً، لكن نحن شعب طيّب لا يفكر بعمق ولا ينتبه جيداً لما يدور في داخل بلاده أو لتلك الأمور التي تدور في البلدان الأُخرى.
فلأننا شعب طيّب لم ننتبه كثيراً بأن هذا الوطن تلطخ بدجل بعض سياسييه الذين هم يسعون لتحقيق مصالحهم الأنانية الخفية على ظهر كل مواطن ومواطنة يظنون بهم الظن الحسن فتنطلي عليهم حيلهم وحركاتهم (النص كم).
أيها الشعب العزيز على قلبي، يُذكر بأنه كان هناك رجل يصطاد العصافير والطيور، ثم يمسكها ويكسر أرجلها وأجنحتها ثم يتركها، وكان هذا عمله دائماً، وفي إحدى المرات اصطاد مجموعة من هذه العصافير وكان يوماً بارداً، ومن شدة البرودة وشدة الرياح كانت عيناه تدمعان وهو يكسر الأرجل والأجنحة. فقالت إحدى العصافير لزميلتها وهما ينتظران دورهما في الكسر: انظري إلى رحمة هذا الرجل ورقة قلبه علينا وكيف أنه يبكي وعيناه تدمعان. فتجيب الأخرى: لا تنظري إلى دمعة عينيه ولكن انظري إلى ما تفعل يداه.
ولأننا شعب طيّب وابن حلال، ولا نهتم كثيراً بعقلية المرشح ولا منهجه ولا حصافته ولا كياسته ولا سمته ولا منطقه ولا طرحه ولا برنامجه الانتخابي ولا تطلعاته التنموية ولا خططه المستقبلية ولا أهدافه المنشودة، فكل ما يلزم المرشح الذي يريد الوصول للبرلمان الكويتي فقط أن يردد أمامهم بحماس مِراراً: تكفون تكفون تكفون. فينجح ويصبح نائبا برلمانيا، ولله الشِكر ثم لكلمة (تكفون) السحرية!
ولأننا شعب طيّب، في بلادي يعيش شيخ الدين في حيرة من أمره، فالشعب يراقبه ويرمقه سياسياً أينما اتجه، فإن قال شيخ الدين في بلادي إن المظاهرات والاعتصامات والخروج لساحة الإرادة لا يجوز شرعاً، غضب عليه قِسم من الشعب وشككوا في ذمته ودينه وحاربوه واتهموه. أما إن قال شيخ الدين في بلادي إن المظاهرات والاعتصامات والخروج لساحة الإرادة جائزة شرعاً رضي عنه القِسم الآخر من الشعب وهتفوا باسمه وحملوه على الأكتاف، وأصبح عالم ومفتى الزمان!
ولأننا شعب طيّب يجرفنا ويدفعنا ويسوقنا ويشعلنا الحماس لأن نجتمع أمام السفارة الأميركية بغضب وحنق، ونصطدم مع اخواننا رجال الأمن من أجل أن نصرخ ونهدد ونتوّعد ونفرّغ شحناتنا السالبة ضد أميركا لنصرة رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، ونحن نراقب «مايكروفون» يدويا ينتقل من يد سياسي إلى يد سياسي آخر يريدون ترشيح أنفسهم للانتخابات القادمة لمجلس الأمة! ثم ينتهي المشهد الغاضب وتبرد الأعصاب الساخنة وتسكت الألسن الطنانة الرنانة وينتهي الاعتصام فيذهب كل واحد منهم نحو منزله، ولا أعرف كيف بهذا الاعتصام نصروا سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وكيف يكونون نشروا سُنته! لماذا لا ينشر المعتصمون دين محمد الإسلامي بأموالهم أو حماسهم أو فكرهم بالشكل السلفي السِلمي الصحيح؟ عبر الكُتب والأشرطة والكُتيبات والمجلات والمطويات ومواقع التواصل الاجتماعي عبر الانترنت إلى الجميع من غير المسلمين؟ أظن السبب لأننا شعب طيّب نستثار ونتحمس ونتشّيش عبر كلمتين فقط من شيخ دين حماسي! فمنذ سنين يمثل الغرب وغيرهم أفلاما كثيرة تسيء لله جل جلاله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وليس هذا بأمر جديد أبداً، كل مافي الأمر هذه المرة أن تويتر واليوتيوب دخلا على الخط!
وسلام يا شعب يا طيّب!

roo7.net@gmail.com
Twitter: @alrawie
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.