لمى العثمان: رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الأطفال البدون

شكلنا في “مجموعة 29″ فريقاً للبحث والتوثيق الميداني، مهمته رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الأطفال البدون، وفقاً لاتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها الكويت. يأتي هذا البحث الميداني من ضمن أنشطة “مجموعة 29″ وهي مجموعة تطوعية اتخذت من المادة 29 “الناس سواسية في الكرامة الإنسانية” شعاراً ومبدأ لها في سعيها لتعزيز الثقافة الإنسانية كهوية للوطن. وانطلاقاً من إيمان المجموعة بأهمية دور جماعات الضغط في المجتمعات الديمقراطية ومسؤولية المجتمع المدني في تفعيل الرقابة على ممارسات الحكومة والكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان التي كفلها الدستور والاتفاقيات الدولية، جاء هذا التقرير الميداني الذي أجري في الفترة من 10 يونيو إلى 10 يوليو 2012 ليرصد حالات انتهاكات حقوق الأطفال البدون من خلال الزيارات الميدانية والمقابلات الشخصية، وتوثيقها بالمستندات والوثائق والكتب الرسمية. وقد شاركنا في إعداد هذا التقرير باحثون جسدوا أجمل معاني البذل والعطاء دون مقابل، وهم: بشاير عبدالرزاق، زينب معرفي، فلاح الثويني، مشاعل الشويحان، هديل بوقريص، يوسف الباشق. كما لا ننسى جهود الناشط الحقوقي عادل القلاف وتوجيهاته لنا في إعداد التقرير. كانت تجربة صاعقة مزلزلة، دخلنا خلالها عوالم لم نكن نتخيل أنها موجودة، لم يكن الكثير من أعضاء الفريق يعلم حجم المعاناة الإنسانية إلا بعد ملامسة البؤس والظلم الاجتماعيين اللذين يتعرض لهما إخواننا الكويتيون البدون. كنا نجتمع ونتحدث عن مشاهداتنا بعبرات أكبر من العبارات، وقد حمل كل منا في داخله غصة، وفي قلبه حرقة، وفي روحه مرارة. قاسية هي الحقيقة المرة حين تشاهدها تمشي على الأرض بأم عينك، حين تستمع إلى حديث أم لطفلين معاقين لا يشملهما القانون الخاص بحقوق المعاقين لأنهما بدون، وتحدثك عن حرمان فلذات أكبادها من الرعاية أو العلاج التأهيلي، الأمر الذي أدى إلى انتكاسة حالتهما، وحين تصغي إلى عسكري سابق أسر في السجون العراقية سبعة شهور وحصل على وسام التحرير، يحدثك عن معاناته وحرمان أطفاله من الحقوق الإنسانية لأنه قام “بتعديل وضعه” بسبب ضغوط الحكومة التي دفعته إلى شراء جواز اكتشف فيما بعد أنه مزور، أراد أن يحمي مستقبل أطفاله فتخلى عن مطالباته بحقه في المواطنة ليجد وضعه اليوم “كبدون البدون” أصبح أسوأ من السابق، فهو وأطفاله يعيشون بلا حماية أو حقوق. وحين تقف أمام أب عاجز معدوم الحيلة، معدوم الدخل، لا يستطيع توفير تكاليف الرسوم الإضافية التي تفرضها المدارس الخاصة للبدون، تلك المدارس المتهالكة التي يعزل فيها الطلبة الكويتيون البدون عن مجتمعهم، وحين تتجول في منطقة غير صالحة للعيش الآدمي كمنطقة الاسطبلات التي يعيش فيها بعض البدون من فئة ذوي الدخل المحدود أو المعدوم، وترى الأطفال يمرحون بين أكوام القمامة والنفايات، وحين تنظر في عيون أطفال حرقتهم أشعة الشمس يبيعون في الشوارع، بعضهم ترك مقاعد الدراسة كي يعيل أسرته، وبعضهم الآخر يقبض عليه ويقطع رزقه دون أن تقدم الدولة بدائل فاعلة. وحين يأتيك من يده في الماء ليجادلك بأن الكويتيين البدون ينعمون بمميزات وتسهيلات وفرتها لهم الحكومة، نقدم لهم هذا التقرير الميداني كي يكون شاهداً على السياسات التضييقية التمييزية البعيدة عن مفهوم الأمن الإنساني، والتي تسببت بتوالد معاناة الكثير من شرائح البدون، لاسيما من لا يمتلكون بطاقة أمنية صالحة أو من رفض الجهاز تجديدها أو ضحايا المكاتب التجارية من أصحاب الجوازات المزورة. قصص كثيرة وقضايا متداخلة ومعقدة، وكما يقال: كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة… لكننا لا نرى حلاً عادلاً شاملاً كما جاء في التوصيات إلا بتنفيذ بنود اتفاقية حقوق الطفل، ومنح القضاء الحق في النظر في منازعات الجنسية بما يفعّل “المادة 166″ من الدستور الكويتي الذي ينص على أن “التقاضي حق مكفول للناس”. للاطلاع على التقرير الميداني يرجى زيارة موقع “مجموعة 29″ http://group29q8.org
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.