“قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)” (الفلق).
من يَحْسُدَك نِعْمَتك أو ما آتاك الله عز وجل من فضله يتمنى زوال ذلك عنك ليس لأنه ربما يريد تلك النِعَم لنفسه, ولكن لأنه يتمنى زوالها عن الناس الآخرين إذا لم تكن من نصيبه هو دون الآخرين! ولأن هذه الشخصية الإنسانية “الحاسد” لا طب فيها, أي لن ينفع مع الحاسد توددك إليه ولن يبعد حسده عنك تسامحك معه أو تغاضيك عنه, فخير ما ستصد به حسد الحاسد هو إحسانك في كل عمل تقوم به سواء في وظيفتك أو في كل أمر تؤديه أو تقوم به خلال يومك.
فإذا كان لكل نعمة حسود, فلكل حسود أيضاً علاج ناجع: كفاءة العمل واستقامة الخُلق وإظهار مزيد من الجد وبذل الجهد في أداء كل عمل نافع يقوم به الإنسان. فما يُغيظ الحاسد ليس فقط كثرة فضلك أو زيادة خيرك أو ثروتك أو تألق عِلْمِك أو جلاء حِكْمَتِك ولكن ما يصيب الحاسد في مقتل هو إدراكه أنه كلما زادت نقمته عليك كلما زاد تألقك وازدهارك ونجاحك!
والحاسد شخصية سيكوباتية Psychopath أي شخص مضطرب أخلاقياً يتناقض طبعه مع ما هو مقبول وما هو متعارف عليه في بيئته الإجتماعية. فالحاسد لا يلتزم بأداء المسؤوليات والواجبات الاجتماعية والتي من المفترض أن يوفيها في بيئته الإنسانية. فهو إنسان يفتقد الاستقرار العاطفي وحس المسؤولية تجاه أعضاء المجتمع الآخرين. فما يشكل انفعالات الحاسد ويسيطر على مشاعره هو نقمته المتواصلة على من يعتقد أنهم أفضل منه أو أكثر استقراراً وأكثر ثقة بأنفسهم!
فبالاضافة إلى تطبيق الإجراءات المتعارف عليها للتعامل مع الحاسد كتفاديه والابتعاد عنه قدر المستطاع وعدم إتاحة المجال أمامه لمعرفة أسرارك أو ما يدور في حياتك اليومية. فالشخص السوي والإنسان الحكيم هو الذي يغربل حسد الحاسد لمصلحته! بمعنى آخر, الشخص الناجح والإنسان السوي هو من لن يعيقه حسد الحاسدين, بل أن الإنسان المتميز هو من سينظر الى حسد الحاسدين ونقمهم ضده كدوافع جديدة وكحوافز مجانية تشجعه على مزيد من حسن العمل, بل وإجادة كل أمر يقوم به لتحقيق التميز في حياته اليومية. فلعل وعسى.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق