بدأ التعصب يغزونا من قبل أشخاص لا تعرف قلوبهم التسامح، وما يحملونه تجاه دينهم أو قضيتهم أو مبادئهم يتسم بالعنف وكلاهما جارح خصوصا حين يتعداك الآخر ليخترق روحك ويجرحها فقط لأنك لا تحمل نفس مبادئه أو معتقداته.
عندما تؤمن بفكرة تعجبك إلى حد الإخلاص الذي ليس هناك أجمل منه، هذا الإخلاص يعلمك العطاء لهدف أسمى بأن تخدم قضيتك التي تمثل هويتك ومن ثم مسار حياتك.
لكن المصيبة أن ما يحدث في الكويت وغيرها من الدول العربية أن التعصب بدأ يغزونا من قبل أشخاص لا تعرف قلوبهم التسامح، وما يحملونه تجاه دينهم أو قضيتهم أو مبادئهم يتسم بالعنف اللفظي والجسدي أحيانا، وكلاهما جارح خصوصا حين يتعداك الآخر ليخترق روحك ويجرحها فقط لأنك لا تحمل نفس مبادئه أو معتقداته.
هذا التعصب لطالما كان سبباً في زهق أرواح بريئة، وكان سببا في إثارة الفتن وإشعال نار الطائفية والكراهية بين الناس، وبات وكأنه حدث يومي وعادي.
تحكي لي صديقة تعمل في مجمع الوزارات، وهي فتاة غير محجبة لكنها محتشمة، وقفت تنتظر المصعد وحين فتح بابه وجدت رجلاً ملتحياً سادلاً غترته بلا عقال، استاء لرؤيتها وكأنه شاهد حشرة، ولم يكتف بذلك بل بدأ بتعنيفها جسدياً عن طريق إزاحتها بكوعه، بل زاد حين داس على رجلها مراراً وكأنها بالفعل حشرة يود أن تموت.
كانت الفتاة في حالة دهشة، ثم مضى الرجل واستوعبت مدى الإهانة التي تعرضت لها، وبعد عناء وجهد جهيد عرفت أنه موظف في وزارة الأوقاف، وصدمت عندما عاتبته، بأنه دنماركي الجنسية، انتقل إليه التعصب من قبل بعض الجماعات الإسلامية المتشددة كما بدا عليه.
وتقول إنه اعترف بأنه أخطأ بينما حاول زميله الكويتي الملتحي أيضا أن يتهجم عليها أيضا، ولكن اعتراف الأول بخطئه حال دون إهانتها للمرة الثانية!
تلك المواقف التي تحدث بشكل يومي ليست سوى مواقف مثيرة للكراهية بين الناس لا سيما حين يختلفون، وتجعلهم يفتقدون التسامح، ولا يعتزون سوى بما يؤمنون به، ونسينا بعد كل ذلك أن الدين محبة وتعامل، والإنسانية لا تكتمل سوى بتسامي الإنسان على خلافاته مع الآخر!
أين نحن من ديننا وإنسانيتنا؟ حسبي أن التعصب خنقها ونحن في غفلة.
قفلة
أحيي جميع القائمين على المشروع الوطني للشباب الذين نظموا حملة شباب ضد التعصب، والتي تنادي وتؤكد ثقافة التعددية وقبول الآخر والتعايش السلمي المشترك، وظهور حملات كهذه مؤشر خطير لما آلت إليه الأوضاع في الكويت ولكنه مجهود جبار يشكرون عليه.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق