سليمان الخضاري: كيف تكتب… عندما تصبح مسؤولا؟!

يوم الثلاثاء الماضي، تم إبلاغي بتكليفي بتبوؤ أحد المناصب الإشرافية في وزارة الصحة، وبغض النظر عن التفاصيل وماهية الموقع الذي نُشرت تفاصيله في الجرائد جميعها، إلا أنني في الواقع قد انتابتني كمية جارفة من المشاعر المختلطة منذ ذلك اليوم!
لن أدعي أن تعييني في ذلك المنصب لم يكن شيئا أتمناه على المستوى الشخصي، فالزاهدون تماما في كل زخرف الدنيا أضحوا عملة نادرة، ولا أدعي الانتماء إليهم، بل ولعلي أبرر مشاعري الإيجابية تجاه التعيين المذكور باعتبار أن الطموح الشخصي هو في أساسه أمر لا غبار عليه، إلا أنني أدرك تماما واقع مؤسسات الدولة وترهلها من ناحية، ووجود شبكة من أصحاب المصالح والمتنفذين والذين كانوا سببا رئيسا لما سبقت الإشارة له كثيرا في مقالات سابقة من فشل للدولة على كثير من الأصعدة.
إدراكي بما سبق، وغيره، كان سبب اختلاط المشاعر حيال التعيين المشار إليه، فالسؤال الذي كان أشد إلحاحاً من غيره هو في ماهية المطلوب مني فعله للنجاح في مهمة قد يكون غيري لم يوفق للنجاح فيها، ففي واقع بيروقراطي ومركزي كالذي تعاني منه البلاد بشكل عام لا تكفي النوايا الحسنة لتحقيق المعجزات، ولا حتى أنصاف معجزات أو أرباعها!
والسؤال التالي الذي كان مبعثا لقلقي هو حول السلطة وآفاتها، فعلى الرغم من مركزية الحياة الإدارية في الكويت، إلا أن المضحك المبكي هو تعنت بعض أصحاب المناصب الوسطى أو الصغرى – على الرغم من محدودية صلاحياتهم نسبيا – في ممارسة أدوارهم في ما يشبه التعويض عن إحساسهم بالتهميش وعدم قدرتهم على المساهمة الفاعلة في تحديد السياسات الكبرى أو الفاعلة، فراحوا يقربون المنتفعين ممن يُشعرهم بشيء من الأهمية، وأخذوا بالتضييق على من هم تحت أيديهم لا لشيء إلا ليرضوا شعورهم بالسلطة والقدرة، في غياب لثقافة المحاسبة وتعزيز قيم المواطنة المسؤولة والتي ترى في كل دور صغر أم كبر رافدا يصب في النهاية في تيار يجب أن يدفع باتجاه التطوير وتعزيز التنمية.
إلا أن أطرف الأسئلة التي واجهتني بها نفسي كانت وبكل صراحة تتعلق بأدواري الأخرى في هذه الحياة، ومدى تأثرها بمنصبي الجديد، فأنا في النهاية زوج وأب وابن وصديق و.. كاتب!
نعم كاتب، وأفترض في نفسي قدرا من الصراحة والمسؤولية التي قد لا تتناسب مع أي موقع إشرافي أو قيادي، خصوصا في مجتمع يفترض في القياديين نفسا أبويا معينا أو قدرا من التكتم الذي يتناسب مع طبيعة مجتمعنا غير الشفافة.
أصدقكم القول.. ما زلت حائرا في هذا السؤال.. كيف وماذا تكتب.. عندما تصبح مسؤولا؟
وأتمنى أن تشي طبيعة مقالاتي المقبلة عن ماهية الإجابة التي توصلت إليها!

Twitter: @alkhadhari
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.