“دون كيشوت” قصة إسبانية تعتبر من روائع الأدب العالمي لمؤلفها ميجيل دي سيرفانتس، وصدرت في القرن السادس عشر، وملخصها أنه كان هناك رجل لديه هوس بالفروسية ووضع الخطط العسكرية والدخول في معارك وهمية، وقد أدى به هذا الهوس إلى البحث في مخزن منزله عن سيف قديم ورمح وخوذة، فأصلح منها ما يمكن إصلاحه ثم قام بتجهيز حصان هزيل كان يملكه، ولتكتمل لديه صورة الفارس قام بالاتفاق مع أحد الفلاحين ليكون تابعاً له كحال فرسان ذلك الزمان في مقابل أن ينصبه أميراً على إحدى الجزر في حال انتصاره في معاركه التي سيخوضها.
اكتملت الاستعدادت، ولم يتبق إلا شيء بسيط وهو البحث عن أعداء، فامتطى الفارس حصانه الهزيل وركب التابع حماره السمين، وسار الاثنان يبحثان عن أعداء، في الطريق شاهدا للمرة الأولى طواحين الهواء، فظن الفارس أن من يحركها هم الشياطين، فاستل سيفه وغرس رمحه في الطاحونة التي رفعته إلى أعلى ثم هوت به أرضاً، لم يفت ذلك من عضد الفارس، فاستمر في سيره يضع الخطط ويخوض المعارك الوهمية، وهذا حال كتلة الأغلبية إتقان مطلق لصناعة الأعداء وخوض المعارك الوهمية والصوتية والقيام بحركات بهلوانية هزلية.
فمنذ سنوات خلت، قادت الأغلبية معركة ضروساً ضد ما كان يُسمّى “مثلث الفساد”، وانتهى ذلك المثلث وبقي حالنا أسوأ مما كان، ثم بدأت معركة أخرى ضد سمو الشيخ ناصر المحمد ورفع شعار “ارحل يا ناصر”، ورحل الشيخ ناصر وبقي حالنا أسوأ مما كان، ثم توالت المعارك ضد الراشي والمرتشي و”مجلس القبيضة” و”الفحم المكلسن” و”الإيداعات” و”التحويلات” و… و… وصولاً إلى الإمارة الدستورية ورئيس وزراء شعبي ولا ندري إلى أي حزب أو كتلة أو طائفة أو قبيلة ينتمي؟
وهل سيقبل من طرح هذه المطالب أن يتولى وزارة الداخلية أو الدفاع أحد الإخوة من الطائفة الشيعية، أو أن يتولى وزارة التربية أحد الإخوة من حركة “حدس” أو “السلف”؟
وحتى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، فهل بالإمكان أن يتولاها أحد الإخوة من الليبراليين، فهذا منصب سياسي ليس له علاقة بتوجه من يشغله فالجميع أبناء لهذا الوطن العزيز؟ والآن بدأت معركة جديدة ضد الحكومة الخفية التي لا يعرفها إلا من يملك مواصفات خاصة.
يا ليت الأغلبية تبين للشعب الكويتي نتائج جميع المعارك التي خاضتها وما الفائدة التي جناها الوطن، الغريب في الموضوع أن “الدونكشوات” من زعماء الأغلبية مازالوا هم أنفسهم منذ السنين الأولى لم يطرأ عليهم أي تعديل، ولكن ما تغير هو زيادة الأتباع، وربما يعود ذلك للرغبة في الحصول على مكانة أو شهرة أو حتى على مصالح معينة أو بتنصيبهم أمراء على إحدى الجزر مثل “كبر” أو “قاروة” أو حتى “أم النمل”.
للتاريخ نقول وبصوت عالٍ ومسموع، وكما قالها أجدادنا منذ ما يقارب ثلاثمئة عام وأكثر إن آل الصباح الكرام لن يجدوا شعباً أو وطناً يحبهم كالكويت وأهلها، ولن يقبل أهلُ الكويت حكاماً غيرَ آل الصباح، وليكن ذلك معلوماً للقاصي والداني، ويشهد على ذلك الثاني من أغسطس عام 1990، أما مَن يشتاق إلى الربيع العربي، فما عليه إلا أن يحمل حقيبة ملابسه بيمينه وحقيبة حقده وحسده بيساره ويرمي نفسه في أي ربيع عربي يختاره لينعم بالحرية والراحة الأبدية، أما نحن في الكويت الغالي فنستبشر خيراً فقد دلق “سهيل”، ونحن في انتظار السيل ليزدان البر بالنوير، وكما قال الشاعر محمد عبدالعزيز الضويحي:
يا ولدي…
لا تحاتي شعبي أعرفه وأبخصه زين
ما شفت ديرة مثلي يحبها شعبها
واللي طمع في أرضنا وينه الحين
إسأل أهل الصريف وحمض هم وين
والجهراء تظل شامخة مع قصرها
وإسأل منهو راح في بيت القرين
وإسأل شهيد ليش روحه هدرها
يا وليدي شعبي أعرفه وأبخصه زين
ما شفت ديرة مثلي يحبها شعبها
ودعاؤنا دائماً بأن يحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق