الحملة الحكومية على تجار الإقامات في البلاد وإن جاءت متأخرة إلا أنها في السياق الصحيح، وكان حريا بالحكومة منذ وقت طويل إيقاف تلك التجارة باعتبارها إتجارا بالبشر ونقطة سوداء في تاريخ البلاد ينبغي معالجتها بأسرع وقت ممكن، وإلا فإن سجلنا في حقوق الإنسان سيظل متشحا بالسواد كما كان دائما.
طالبنا أكثر من مرة بإلغاء نظام الكفيل باعتباره مدخلا للإتجار بالبشر، والبحث عن بديل متوازن يحفظ للجميع حقوقهم، وقد وعدت الحكومة مرارا وتكرارا بإلغائه حتى إن وزير الشؤون الأسبق د.محمد العفاسي أعلن في إحدى المرات إلغاء ذلك النظام، لكن الأمور بقيت على حالها رغم ذلك الإعلان، ولا أعلم ما إذا كانت الحكومة لاتزال تؤيد رأيه ذاك أم لا.
تجارة الإقامات تحولت إلى مؤسسة فساد كاملة لها متنفذون يحولون دون اتخاذ أي إجراءات محورية تجاهها، وللأسف بعض أولئك المتنفذين أفراد من الأسرة الحاكمة وأقارب وزراء ومسؤولين كبار في الدولة، وقد أدت تلك الخطوة من جانبهم إلى شل أجهزة وزارة الشؤون وإضعافها، حتى أصبحت لا تحرك ساكنا أمام كل ذلك الفساد على هذا الصعيد.
لقد أصبح لمؤسسة الفساد تلك رجال قانون يبحثون عن الثغرات في قانون العمل من أجل التسلل منها نحو إغراق البلاد بمزيد من العمالة الهامشية والخطرة على الأمن، ويكفي أن نرى ما حدث في منطقة بنيد القار وحجم العمالة المخالفة التي جمعت في ليلة واحدة، حتى نعرف أن هناك تبعات أمنية واجتماعية وحتى اقتصادية خطيرة.
الحكومة معنية أكثر من غيرها بتنظيف البلاد من تلك التجارة السيئة، ولا يسقط ذلك مسؤولية بعض أعضاء مجلس الأمة ممن يرعون مثل تلك الإجراءات الفاسدة والمسؤولين الفاسدين في وزارة الشؤون للاستفادة من وجودهم هناك لتمرير مثل تلك المعاملات، التي يدفع المواطن البسيط ثمنها من الميزانية العامة للدولة ومن أمنه، كما أن بقية المؤسسات الوطنية لها دور في مواجهة تلك الآفة الخطيرة ينبغي عليها القيام به وعدم انتظار الآخرين، فالمطالبة بإلغاء نظام الكفيل جزء من حل المشكلة.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق