عبداللطيف الدعيج: للفساد الحقيقي جذور

توفر الإنترنت وتويتر بالذات ادى الى وجود أسلحة قوية وفعالة لدى الفئات «المغلوبة» على أمرها، أو بالأحرى المحرومة من اصدار الصحف أو بث القنوات ذات التكلفة العالية. والتي تتطلب مهارة فنية واستعدادا، في الغالب، جماعيا وليس فرديا كوسائل الاتصال على الإنترنت. وقد تجلت قدرة أو قوة التويتر قبل أيام حين تولى بعض الشباب نشر قائمة المقبولين في الكلية العسكرية، والتي شملت أسماء أقرباء وأصدقاء بعض المتنفذين ممن لم يكن من المفروض قبولهم في الكلية، أو تم قبولهم مع استثناء من يستحق القبول من المواطنين. النشر لم يتوقف على قائمة المقبولين بل تطوع البعض ونشر معدلات المقبولين والمرفوضين الدراسية في تأكيد واضح للاستثناء غير العادل الذي حظي به بعض المقبولين.
هذا يطرح أمر توفر حرية الرأي والتعبير، ويطرح قبل هذا حق توفر المعلومات للناس. فبعض الخدمات التي تقدمها الدولة تتم ب‍ـ«الخش والدس»، وتحرص الجهات الإدارية على إحاطتها بالسرية أو إهمال نشرها وتعميم حقيقتها على العموم. لهذا فان اصدار قانون يجبر هذه الجهات على إعلان الشفافية وتوفير معلومات خدماتها كاملة للعموم عبر نشرها في الصحف او توفيرها بأي شكل من الاشكال لمن يرغب ضرورة الآن لمكافحة الفساد الحقيقي الذي يمهد لكل فساد وتسيب. ان الفساد الحقيقي هو العبث المتواصل بحقوق الناس وأموالهم أيضا الذي يتحصل عليه البعض أو يتهرب منه بدون وجه حق. حتى الغرامات التي تسقط أو الرسوم التي تعفى من المفروض ان تتوفر معلومات كاملة عنها لمن يريد أن يدقق أو لديه شك في وجود عبث وتلاعب بها.
مللنا من أكاذيب الفساد والرشوة التي تثار على الأجهزة الحكومية المعنية بتنفيذ المشاريع الكبرى، تأذينا من التعطيل والرفض المتعمد للمشاريع الحيوية بحجة محاربة الفساد، ومشروع «الداو كيمكال» خير دليل، خصوصا ان الذين تسببوا في تعطيله هم ابطال فضيحة الفساد الحقيقية لقبول غير المؤهلين في الكلية العسكرية. ان محاربة الفساد هي بسن قوانين لمحاربته وبإتاحة الفرصة للمواطن كي يكون رقيبا مباشرا على أمواله وحلاله، وليس بالضجيج وإطلاق الاشاعات والاتهامات تحت ظل الحصانة النيابية وحماية مجلس الأمة.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.