أعتقد أن إعتناق أساليب فوضوية في الحياة اليومية ومحاولة التهرب من أداء المسؤوليات الفردية والإجتماعية والوظيفية كفر بالنعمة وعبث مدمر. فالنتيجة الحتمية لسلوكيات وتصرفات الفوضى تتمثل في الإستهانة بالتعهدات السابقة بين الناس وبخاصة المواثيق الأخلاقية المتوافق عليها بين أغلبية أعضاء المجتمع. فمن يستهتر بأمنه المجتمعي والوطني ويشيع البلبلة في بيئته الإنسانية (بدلاً من حض الآخرين على الإلتزام بالمسؤوليات الإجتماعية المتوقعة) لا يثمن نعم الأمن والأمان بل يعبث بيديه بأمنه النفسي وأمن البيئة الإجتماعية التي ينتمي إليها. وفق رأيي, تدوم النعم إذا قدرها الإنسان وحافظ عليها و إستخدمها بشكل يثري حياته اليومية, ولكن ربما ستزول النعم جراء الإستهانة بمتطلباتها الرئيسية: “إحترام القانون-الوفاق المجتمعي- التسامح بين الأفراد- واللألفة والمودة بين أعضاء المجتمع الواحد”.
إضافة إلى ذلك, الدعوة للإنفلات في المجتمع ومحاولة شحن قلوب وأذهان الناس المسالمين بالأحقاد المصطنعة وتشجيع البعض على نشر الفوضى في المجتمع الوطني لا تدل على رجاحة عقل الفرد, بل تشير إلى تيهه وضياعه الأخلاقي. فالإنسان الوطني حقاً هو من سينجح آخر الأمر في الحفاظ على إستقامته الأخلاقية ورجاحة عقله في جو قاتم تكثر فيه التصرفات الغوغائية والإنفلات السلوكي ويقل فيه الحض على السلم المجتمعي والحفاظ على الوحدة الوطنية.
كويت الماضي والحاضر والمستقبل أمانة في أعناقنا جميعنا. ومن يقدر نعم الأمن والأمان والرفاهية المعيشية التي ننعم بها هو من سيضع دائماً مصلحة الكويت فوق المصالح الشخصية الضيقة. بل تستحق الكويت من مواطنيها المخلصين الإستمرار في الوفاء بمواثيقهم وتعهداتهم الأخلاقية التاريخية: تقوية الوحدة الوطنية وحض المواطنين الآخرين على الألفة والمحبة والتآلف فيما بينهم. أما غير ذلك, كخلط المصالح الدنيوية الفانية لبعض الأفراد بمصير مجتمع متوحد عبر بث الإشاعات المغرضة والفوضى هو إستهتار ما بعده إستهتار بل ودعوة مجانية للكوارث أن تحل بينهم.
نشكر الله عز وجل على أفضاله ونعمه ونسأله عز وجل أن يديم علينا نحن الكويتيين نعم الأمن والأمان والطمأنينة. اللهم آمين.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق