خالد الجنفاوي: هِياطٌ تَخَطَّى تَرَفَ الجدل العقيم

أعتقد أن من تعود التصرف الهدام في “الصياح والجلبة”-كما يذكر لسان العرب- أي حين يمتطي أحدهم أو بعضهم الهياط المصطنع في الحياة العامة سيصعب التفاهم معهم أو حتى إقناعهم بسوء تدبيرهم وخطوره تصرفاتهم الفوضوية. فهذا النوع من بني البشر “المهايطيين” (وعلى ما يبدو العُشَّاق الأزليين للقلاقل والفتن وباطل القول) تجاوز بشكل أو بآخر ترف الجدل العقيم, ولذلك سيصعب مثلاً التخاطب مع هؤلاء الأشخاص الأنانيين بطرق عقلانية أو ديمقراطية أو محاولة ثنيهم بشكل أخوي عما يتجشمونه من مجازفات خطيرة, فمن يتخطى من تلقاء نفسه ما هو عقلاني وما هو منطقي أو ما يسمح به القانون في بلده ويتجاوز بعناد وتحدى غريب في طروحاته الشزرة وجدله وتصرفاته الغوغائية ما يتفق عليه أغلبية أعضاء المجتمع, يستحيل مخاطبته بالأساليب العقلانية أو المنطقية. فلا يبدو ينفع مع هكذا أشخاص إتباع أساليب متحضرة معهم أو مجادلتهم عن طريق حوارات متمدنة, بل لن ينفع مع هكذا عقليات جافة وغير متسامحة سوى الحزم وتطبيق القوانين وكل الإجراءات المتبعة لمعالجة الأسباب التي تؤدي الى الاضطرابات الاجتماعية التعامل مع المُهايطيين والفوضويين كمعاديين للسلم المجتمعي (Antisocial), بل أعتقد أنه ما لم يتم التعامل بحزم وقوة مع من يحاولون تهييج الجماهير لتحقيق مصالحهم الشخصية الضيقة ربما سيعتبرونه سكوتاً عنهم وربما سيفسرون التغاضي عنهم كدعوة مجانية لهم للصعود الطائش إلى المرحلة التالية لهياطهم المنظم: التحدي والعناد والاستهتار المتعمد بكل الأعراف والتقاليد والثوابت الوطنية المتفق عليه من قبل أغلبية أعضاء المجتمع.
أشعر شخصياً بالتوجس الشديد من المُهايط الديماغوجي, وبخاصة الذي توردت أوجانه من النعمة وهو كافر بها. فبالنسبة لي على الأقل: يصعب على العقلاء والناس المسالمين عيش حياة إنسانية متكاملة مع وجود المهايطيين. لأنهم بشكل أو بآخر شخصيات ديماغوجية يصعب توقع ما ستفعل لاحقاً. فلا يفقه المُهايط الكافر بالنعمة حرية الرأي والتعبير المسؤولة. فهي بالنسبة له فرصة جديدة لممارسة الكر والفر ومحاولة التحذلق العقيم على عقول ناس مسالمين سئموا فعلاً هياط المهايطيين وتعكيرهم شبه اليومي للحياة المدنية والمتحضرة. المُهايط عن عمد لم ولن يستوعب ولن يفهم عواقب ما يمارسه من جدل عقيم, ولن ينفع معه سوى الحزم والشدة وإحقاق الحق والعمل على تكريس دولة القانون والمؤسسات.
بوركت يا وطني الك¯ويت لنا سكنا وعشت على المدى وطنا.

* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.