بعيدا عن السياسة وما جرى من أحداث متعلقة بجلسة المحكمة الدستورية الخاصة بالنظر في الطعن المقدم من قبل الحكومة حول دستورية قانون الانتخاب، نجد أن حال البلد قد توقف تماما في شتى مجالات الحياة وكأن تطوير البلد وتنميته وانجاز مشاريعه وابتكار أفكار جديدة لتحويله الى مركز اقتصادي ومالي مرتبط بجميع الأحوال بحكم المحكمة الدستورية وفي انعقاد جلسات مجلس الأمة. اليوم، أضحى كل شيء مرتبطا بالسياسة سواء كان ذلك عن قريب أو من بعيد وأصبح الوزراء الحاليون فعلا وزراء تصريف العاجل من الأمور، فلا انجاز يذكر ولا مشروع ينفذ ولا خطط ترسم.
قد يدعي البعض أن معطيات المرحلة الحالية والأحداث الجارية تفرض نفسها على واقع الحال ولكن أتساءل بدوري كمواطن بسيط، ماذا لو أقدم أحد الوزراء أو أي من الأجهزة التنفيذية بالدولة على تبني أحد المشاريع التنموية وطرحه على القطاع الخاص أو من خلال تنفيذه عن طريق الدوائر الحكومية على أساس مبدأ العدل والمساواة وبعيدا عن الترضيات السياسية وعن شبهة التنفيع التي باتت متأصلة في جميع الدوائر الحكومية وبدأت عملية تنفيذ هذا المشروع المفترض وفقا للخطط والجدول الزمني المقترح له وتم افتتاح تشغيله دون أي عوائق تذكر؟ ماذا سيتوقع الوزير المعني سوى التشجيع والتصفيق والاشادة من الشعب بعيدا عن أي تداعيات سياسية ولكن لا حياة لمن تنادي؟
الوزراء المعنيون يترقبون وينتظرون ما سيجري في آتي الأيام وينسون أو حتى يتناسون دورهم الحيوي في تطبيق خطة التنمية التي أقرها المجلس والتي قدرت قيمتها بحوالي 37 مليار دينار لم نر منها على أرض الواقع سوى تصاريح رنانة من الوزراء المعنيين، فهل حال القطاع الصحي جيد من وجهة نظر الحكومة؟ وهل الأزمة الاسكانية والتي بات أعداد المنتظرين لمسكن يفوق الثمانين ألف أوأكثر هي مشكلة عادية عند الوزراء المعنيين؟ وهل أزمة القبول الجامعية والتي لم نجد لها سوى الحلول الترقيعية هي ازمة بسيطة من وجهة نظر الحكومة؟ وهل الأزمة الاقتصادية التي عصفت باليابس والأخضر هي سحابة صيف وتعدي؟ وهل مشاكلنا الرياضية وضعف البنية التحتية وغياب المنشآت الرياضية أسوة بالدول الشقيقة هو امر عادي بالنسبة للحكومة؟ أسئلة كثيره أخرى لن نجد لها اجابات لأنهم وبكل بساطة ينتظرون وينتظرون وهكذا هو حالنا مع كل حكومة.
ألم يخطر ببالك عزيزي القارئ أنه وبالرغم من تضخم بند المصروفات في الميزانية العامة للدولة تساؤل يتعلق بخطط الدولة للتعامل مع الفوائض الضخمة المتوقعة خلال الأعوام المقبلة، علما أن التوقعات تشير الى أن حجم الفوائض المالية خلال العام المقبل سيفوق 12 مليار دينار. نعم، تعزيز أصول صندوق الأجيال القادمة وزيادة حجمها ضروري تماما لمواجهة اي عجز قد تواجهه الميزانية من اي انخفاض قد ينجم عن تذبذب أسعار النفط أو ارتفاع في حجم المصروفات، ولكن لماذا عجزت الدولة عن دفع العجلة الاقتصادية وفي تطوير البنية التحتية وفي انشاء مشاريع عمرانية وتطويرية وفي تهيئة البيئة المناسبة لإقامة المركز الاقتصادي والمالي الذي دعا اليه صاحب السمو وفي بناء المستشفيات والمصانع وفي انشاء مدن سكانية جديدة في مناطق متنوعة لتخفيف حدة الضغط على مركز المدينة وفي تطوير قطاع النفط والصناعات المتعلقة به؟ وكل هذا سيكون أولا في مصلحة المواطن من خلال ايجاد فرص العمل الحقيقية والابتعاد عن العمالة المقنعة وفي تحسين مستوى المعيشة وفي خلق سبل الرفاهية والراحة، وهي كذلك أخيرا ستكون في مصلحة الأجيال القادمة من خلال تنويع مصادر الدخل، فمن غير المعقول والمقبول أن يشكل النفط وحده أكثر من 90 في المئة من اجمالي الدخل القومي للدولة بينما تشكل القطاعات الأخرى بقية هذه النسبة.
ختاما، انني على ثقة تامة بأن المواطن متى ما وجد هذه المشاريع والخطط والدراسات على أرض الواقع فانه سيكون أول حليف ومساند للحكومة وداعم لها، أما بقاء الحال على ما هو عليه سيعني بالضرورة ازدياد حجم مطالب الاصلاح السياسي والاقتصادي والتنموي وبالتالي مزيدا من الصدام الحكومي – الشعبي الذي بات أمرا واقعاً في يومنا هذا.
إبراهيم أديب العوضي
boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق