بعد أن هدأت الأمور وعادت نوعا ما إلى نصابها بعد حادثة قناة سكوب وما اثاره النائب حسين القلاف من خلال حديثه عن أمير قبيلة العوازم فلاح بن جامع، نعود مرة أخرى لنتحدث عن واقع الحال في الكويت وما نعيشه من أيام حزينة انتهكت فيها روح الأسرة الواحدة التي شكلت يوما ما الدعامة الأساسية في الحفاظ على روح واستقرار دولة الكويت الصغيرة بحجمها الكبيرة بتعاضد أبنائها من مختلف الطوائف والقبائل والملل.
إن انتهاج الحكومة مبدأ تهدئة الأمور ليس حلا بعد أن استشرت مفاهيم تبنتها أبواق الاعلام الفاسد لتتمكن من التغلغل إلى المجتمع بكل سهولة وسرعة فطغت بذلك أساليب التهجم والقذف والتشكيك في ولاءات وتوجهات أفراد المجتمع الكويتي كافة بلا استثناء على كل ما هو في مصلحة هذا البلد. فنحن اليوم بأمس الحاجة إلى حكومة قوية وشجاعة في الوقت نفسه حتى نستطيع تخطي هذه المرحلة الصعبة والتي تولدت نتيجة لتراكمات مستمرة طويلة وقديمة تمكنت من أن تشل المجتمع واستطاعت من أن تكبح جماح التطور والتشريع والرقابة فانشغلنا بها عن تطوير المشاريع وتسيير مصالح المواطنين والسعي نحو تحسين مستوى الفرد المعيشي.
فإذا كنا نريد أن نعيش في دولة المؤسسات وأن يحكمنا قانون يحترمه الجميع، فيجب أن يتم تطبيقه بالتساوي وأن تكون مسطرته واضحة وواحدة على الجميع الكبير قبل الصغير، من ارتكب الخطيئة وكذلك على من برر على أساسها ارتكابه للخطأ. لقد سئمنا من تكرار المناشدة بتطبيق القانون ليس إلا لتخوفنا من أن نصل لمرحلة يطغى فيه العنف والسب أو كما يدعيه البعض من نواب المجلس من أخذ الحق باليد فتضيع بعدها هيبة الدولة وتعجزمؤسساتها عن تطبيق قوانينها.
ولعل الحكمة الكبيرة التي شاهدناها من أمير قبيلة العوازم التي تبنى فيها مصلحة وطننا عندما ذكر بأن الكويت هي أكبر من قبيلة العوازم ومن فلاح بن جامع وكذلك حسين القلاف هو في واقع الأمر موقف لا يصدر إلا من رجل وضع مصلحة الكويت أولا وأخيرا قبل كل شيء وساهم في مواجهة رموز الفساد ولعب دورا فعالا في إستقالة الحكومة السابقة بعد أن عجزت عن شراء ولائه، فاستطاع بذلك أن يئد نار فتنة قد لا تنطفئ إن اشتعلت وتمكن من سرقة الأضواء عن بعض النواب الذين استخدموا مصطلحات لا تمت بواقع مجتمعنا الأصيل بصفة كمن ذكر أنه سيأخذ حقه بيده أو من صرح بأنه سيدوس (بالنعال) على من يتعدى على قبيلته وغيرهم كثر، فله منا كل الشكر والتقدير.
وعليه فإن الحكومة مطالبة اليوم بأن تقوم بدورها الأصيل بمحاسبة من ساهم في إثارة النعرات الطائفية والقبلية حتى يكون عبرة لغيرة ولنتجنب بذلك مزيدا من هذه الممارسات التي استطاعت أن تتغلغل في المجتمع، بل وأصبحت واقعا مريرا نعيشه في مسلسل يتكرر بين الفنية والأخرى ومشكورة كذلك في تحويل قناة سكوب إلى النيابة العامة عن طريق وزير الاعلام الذي أوضح بأنه لن يسمح لأي وسيلة من وسائل الإعلام بالإساءة أو التعدي على أي فئة من فئات المجتمع. ولنكون منصفين مع أنفسنا قبل غيرنا، فمحاسبة قنوات الفساد ومن اقتحم قناة سكوب وتلفزيون الوطن والنائب محمد الجويهل في ما ذكره عن قبيلة المطير وكذلك من أحرق مقره هو الأساس الذي يجب أن ننطلق منه حتى تتمكن الحكومة من استعادة ثقة المواطن المفقودة في تطبيق قوانين الدولة وفي نهاية الأمر إلغاء المفهوم السائد لدى البعض بأن الخطيئة هي مبرر صريح ومقبول لما هو خطأ.
Email: boadeeb@yahoo.com
Twitter: @ibrahimAalawadi
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق