“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (الحجرات 12).
أعتقد أن من “يحكي لك سيحكي فيك” لاحقاً, وفق ما يسرده المثل. حيث يصعب تصور ألا ينمك ويغتابك الشخص الذي يتحدث لك عن الآخرين. فمن يختار الغيبة والنميمة وسوء الظن ويصارحك القول بكراهيته أو بغضه لفلان من الناس, فأعلم أنك أنت المستمع مرشح مؤهل لأن تصبح ضحيته التالية! بل إن الإنسان الرزين الذي يحترم كرامته الإنسانية ويحترم عقله سيحاول قدر ما يستطيع أن يتفادى الحديث مع من يغيب في الناس ويسيء بهم الظن. بل أشعر شخصياً بالقشعريرة من النمام والمغتاب ولو تخيل بعضهم هؤلاء أنني أستمع إليهم ! فبعض الأحيان يضطر الإنسان أن يستمع غصباً عنه لأحد النمامين كونه ضيفاً ثقيل الدم أو قريباً بعيداً. فمن يعرف خبايا الشخصية المغتابة يدرك تماماً خطورة مجالستها.
فمن ينم ويحكي في الناس الآخرين يحاول الإفساد في الأرض بل ويحاول بث الظن السيئ بين الناس ويزرع بينهم الشكوك المتبادلة. يقول أحد الحكماء أن أفضل طريقة للتعامل مع المغتاب والنمام هي تفاديه بقدر المستطاع. أو على الأقل التعامل مع النمام بمثل طريقة التعامل من الشخصية المضطربة السيكوباتية! والشخصية السيكوباتية تشير إلى من يفتقد حس المسؤولية الأخلاقية تجاه أعضاء المجتمع الآخرين. فالنمام والمغتاب لا يحافظان إطلاقاً على علاقاتهم الاجتماعية مع من يشاركونهم الانتماء للمجتمع الوطني نفسه. فهم يناحرون الناجحين وينافسون المسالمين رغبة في إيذائهم جسدياً إذا أستطاعوا أو على الأقل تدميرهم ضحاياهم معنوياً.
في المحصلة الأخيرة في طريقة التعامل مع ” من حكى لك حكى فيك” حري بالإنسان السوي أخلاقياً أن يحذر النمامين والذين يبدو انهم يستمتعون باغتياب الناس الآخرين. فإضافة إلى إفتقاد هذا النوع من بني البشر للشجاعة في التعبير عن آرائهم الحقيقة أمام الملأ, فهم يعتبرون أيضاً ظاهرة سلبية ومفسدة للمودة والتراحم الاجتماعي. فألد أعداء الوحدة الوطنية والتعاضد الاجتماعي بين المواطنين هم اولئك النفر الذين يتحدثون ويكذبون ويبهتون الحق ويشوهون سمعة الناس المسالمين. فلعل وعسى.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق