في ظهور اعلامي غير مسبوق على شاشات التلفاز وفي حركة محسوبة ومبرمجة شكا رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية من تفاوت الايجار بين الجمعيات التعاونية والشركات الخاصة التي تستثمر على القسائم الحكومية حيث تفرض الحكومة ايجارات مرتفعة على الجمعيات التعاونية فيما ايجارات الشركات الخاصة منخفضة.
رئيس الاتحاد ظهر شابا متحمسا، وعلى ما يبدو جديدا على الكار، ولذلك فخبرته في ميدان العمل التعاوني محدودة، وعلى الرغم من ذلك فحماسه مقدر واخلاصه موضع الاعجاب وكذلك حديثه ودفاعه عن العمل التعاوني.
غير ان ما فات رئيس الاتحاد وهو ما لا يريد احد الاعتراف به هو ان العمل التعاوني قد انحرف عن هدفه التكافلي الاجتماعي الى بزنس وتجارة وصفقات تحت وفوق الطاولة وربح وخسارة، وايضا وجاهة ونفوذ وسياسة..!!
فالجمعيات التعاونية لم تعد مراكز خدماتية بهدف تقديم الخدمات الاساسية والضرورية للاهالي، وانما تحولت الى مدن تجارية بديلة عن الاسواق والشركات التجارية، فهناك الكثير من الفروع والانشطة التي تتواجد في الجمعيات لكن لا تنطبق عليها شروط الضرورة والخدمة أو العمل التعاوني مثل افرع السياحة والسفر والنظارات والهواتف والاجهزة الالكترونية وبيع الاقمشة والملابس الجاهزة والملابس الشعبية والعطور والتجميل والهدايا والساعات فضلا عن مطاعم الوجبات السريعة.. الخ.
واما عن ارتفاع الايجارات، فلعلي اظن انه مستحق ما دامت الجمعيات تؤجر محلاتها على التجار والمستثمرين بإيجارات مرتفعة تفوق ايجارات الحكومة من ثلاث الى اربع مرات من مثيلاتها، ناهيك على الخلو الذي يطلب من المستأجر وهو اجراء يخالف قانون الايجار، وفي المقابل لا تقدم الجمعيات خدمات متميزة للاهالي..!!
ان الاصل في التجارة والانشطة التجارية هو للسوق بمعنى ان الاسواق هي الفاعلة والمحركة للعمل التجاري وللحركة التجارية، فالاسواق واجهة البلاد، وكلما كانت الاسواق زاخرة كانت دليلا على حيوية وعافية البلاد، فيما ينبغي ان ينحصر نشاط الجمعيات التعاونية على الخدمات الضرورية اليومية للاسر أو للبيوت.
لذلك، اتصور ينبغي ان تعود الجمعيات التعاونية الى حيث جذورها في زمن الستينيات من القرن الماضي، وهو الاصل وهو المرجع، وما عدا ذلك فهو انحراف عن اهداف التأسيس، وخاصة ان الجمعيات باتت مراكز للتأهيل السياسي..!!
وبناء عليه يصح القول، لم يعد مبررا بقاء الجمعيات التعاونية تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بعدما تحولت الجمعيات من مراكز خدماتية تكافلية الى مدن تجارية منافسة ومخيفة، والاصح نقل تبعية الاشراف لوزارة التجارة والصناعة باعتبار الجمعيات التعاونية تقوم بنشاط تجاري لا عمل تعاوني…!!
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق