محمد عبدالقادر الجاسم: وماذا بعد

ما الذي تنوي الحكومة القيام به بعد أن صدر حكم المحكمة الدستورية في غير صالحها؟
إن خيارات الحكومة محدودة جدا، بل هي لا تملك إلا خيارا واحدا من اثنين: فإما السعي للتصادم مع الناس، وإما الركون إلى الهدوء والاستسلام للأمر الواقع. إن التصادم مع الناس هو نتيجة لقيام الحكومة بمحاولات تعديل الدوائر الانتخابية سواء عبر مجلس 2009 أو عبر مرسوم ضرورة، أما الهدوء فيتحقق بحل مجلس 2009 والدعوة لإجراء الانتخابات في الموعد الدستوري ووفق النظام الانتخابي القائم.
لقد سبق لي أن كتبت بأن مشروع الحكومة لا يمكن أن ينجح من دون الاعتماد على القوات الخاصة، فمشروع الحكومة مرفوض من الرأي العام، وسوف يتضامن الناس في إعلان رفضهم للمشروع، وبالتالي فما دامت الحكومة عاجزة عن فرض مشروعها بالقوة فإنه من الأفضل للكويت أن تعود إلى الأجواء الطبيعية، عوضا عن أجواء التوتر.
وفي حال قررت الحكومة التخلي عن مشروعها في تعديل الدوائر الانتخابية، فإن عليها أن تعلم أن الأجواء السائدة الآن لو استمرت حتى يوم الانتخابات فسوف تؤدي إلى عودة كتلة الأغلبية على الأرجح، فهل لدى الحكومة القدرة على تقبل الواقع، أم تعمل على تكرار سيناريو حل مجلس 2012؟
المؤشرات المتاحة تفيد بأن الحكومة لن تتقبل الهزيمة وسوف تحاول التأثير في نتائج الانتخابات. وفي تقديري أن تلك المحاولات سوف تعزز من فرص عودة كتلة الأغلبية، لذلك فإنني أدعو الحكومة إلى التبصر في أمرها ومحاولة التفكير خارج الصندوق كما يقال، فالإصلاح السياسي قادم لا محالة إما عبر بوابة مجلس الأمة وإما عبر الشارع، وبالطبع فإن بوابة مجلس الأمة أفضل بكثير للبلاد.
إن الحكمة تتطلب التوقف ومراجعة النفس وتقبل الأمر الواقع، فلم تعد الحكومة قادرة على الإمساك بزمام الأمور.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.