ناصر العبدلي: وداعا جاسم الخرافي

إقرار رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي بالهزيمة في مؤتمره الصحافي الذي أقامه بعد صدور حكم المحكمة الدستورية حول الدوائر مباشرة، لا يمكن فهمه إلا في إطار أنه من مارس ضغوطا هو والجناح الذي يمثله على المعنيين من أجل تعديل الدوائر الانتخابية، ورأى المعنيون في اللجوء إلى المحكمة الدستورية بديلا ومخرجا لمثل هذا الإجراء حتى لا يستخدموا مراسيم الضرورة كما يراد، لأن في استخدامها تكلفة سياسية لا يدفع ثمنها سوى النظام القائم.
لا يمكن فهم إقرار الخرافي بالهزيمة في مؤتمره الصحافي إلا من خلال هذا السيناريو، وإلا ما علاقته بما يدور على الساحة السياسية حتى يقيم مؤتمرا صحافيا ليتحدث فيه إلا إذا كان الأمر غيرة «نسوان» بعد هزيمته سياسيا على يد رئيس مجلس الأمة المخضرم أحمد السعدون؟ وهو أمر أستبعده تماما عن «بوعبدالمحسن» الذي أعرفه لكن لا أحد يعرف، فالأيام لها سطوة على العقول والنفوس.
رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي- حسبما يتردد- أتى على ظهر صفقة بين أجنحة داخل الأسرة الحاكمة.. وقد برزت مؤشرات تلك الصفقة واضحة عقب توجيه أحد النواب استجوابا إلى أحد الوزراء حول طباعة القرآن الكريم وعلق عليه النائب المخضرم عدنان عبدالصمد في حينها «حكومة تستجوب حكومة»، وبعدما حل مجلس الأمة ورتبت الأمور لعب الحظ دورا في تأجيل تلك الصفقة وكانت حادثة الورقة البيضاء.
الخرافي كان محسوبا على طرف- كما أشيع في ذلك الوقت- وهومن دفع به إلى موقع رئيس مجلس الأمة. وقد قبلت به الأطراف الأخرى في الأسرة الحاكمة على «مضض» ومارست ضغوطا على تيارات رئيسة في مجلس الأمة من أجل الدفع بقبوله رئيسا للمجلس لكنه في مرحلة من المراحل أحس بذكائه الفطري بأن هناك تبدلا في مراكز القوى على الساحة، خصوصا في أوساط الأسرة الحاكمة، فاندفع نحو القوى الجديدة قبل أن يسبقه إليها الآخرون، وقد نجح في إقناع تلك القوى على التحالف معه مما عزز مركزه السياسي والاقتصادي.
حكم المحكمة الدستورية ونتائج الحراك الشعبي ليس هزيمة للخرافي كشخص، فله تقديرنا واحترامنا على الصعيد الإنساني، لكنها هزيمة للنهج الذي يمثله الرئيس الخرافي الذي طالما اكتوى منه المواطنون البسطاء وأدى إلى زلزلة الاستقرار في بلد كان مثالا للاستقرار في منطقة الخليج، وكان هزيمة أيضا لبعض القوى التي تطاولت على المال العام اعتقادا منها بأن إبعاد شخص من موقعه كرئيس مجلس الأمة يعني هزيمة شعب بأسره، وهو أمر ثبت عدم صحته لاحقا، لهذا نقول وداعا يا «بوعبدالمحسن».. ووداعا لكل نهج لا يقر بحقوق المواطنين البسطاء.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.