على الرغم من أنني أمضيت في السجن ما يزيد قليلا على أربعة أشهر، وهي فترة ليست طويلة، إلا أنها كانت تجربة فريدة في جانبها السياسي والإنساني كذلك. وأظن أنه من حقي الطبيعي أن أوثق تلك التجربة، وأن أكتب انطباعاتي عنها، وهذا ما فعلته في كتابي الأخير الذي أسميته «في طريقي إلى السجن». وقد حرصت في الكتاب على التركيز على تفاصيل تجربة السجن، فقد تم سجني في مقر المباحث الجنائية وفي مقر مباحث أمن الدولة وفي السجن المركزي وفي السجن العمومي.. وخلال هذه التجربة التقيت بعدد كبير من الأشخاص، واطلعت على تجاربهم، كما تعرفت على نفسي أكثر وأكثر.
وحين قررت نشر الكتاب لم يدر في خلدي أن هذا الكتاب قد يمنع من التداول في الكويت، فهو لا يتضمن ما يستوجب منعه إطلاقا. ومع ذلك فقد مضى حتى لحظة كتابة هذا المقال أكثر من أسبوعين على تسلم وزارة الإعلام الكتاب ولم يصدر قرار بشأنه. وعند السؤال عن سبب تأخير القرار بالموافقة أو بالرفض، قيل لي إنه تمت إحالة الكتاب إلى الديوان الأميري!
كتاب يحال إلى الديوان الأميري لاتخاذ قرار السماح بتداوله أو منعه.. هذه والله مسألة غير مبررة، فما دخل الديوان الأميري بمسألة تنفيذية بسيطة كهذه؟ ثم من هو الشخص الذي سوف يقرأ الكتاب ويقرر مصير نشره أو منعه من التداول؟
أنا غير مهتم الآن بالقرار قدر اهتمامي بفكرة تدخل الديوان الأميري بإجازة الكتب. صحيح أنها ليست المرة الأولى بالنسبة لي، فقد تمت إحالة كتاب «آخر شيوخ الهيبة» وكتاب «شيوخنا الأعزاء» إلى الديوان الأميري أيضا، ومن هناك صدرت الموافقة على تداولهما، لكنني مع ذلك لا أستطيع تقبل الفكرة حتى وإن تكررت.
الآن.. هل تعكس إحالة الكتاب إلى الديوان الأميري مقدار مركزية القرار في الكويت، أم أنها تعكس مقدار الخوف وعدم القدرة على تحمل المسؤولية من قبل وزير الإعلام؟ ربما هي تعكس هذا وذاك في الوقت ذاته!
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق