يروى في قصص الأمثال، أن أعرابياً من البادية كان متزوجاً من امرأة صماء، وكان قد اتفق معها على بعض الأمور والإشارات لتسهيل التفاهم بينهما، ومنها أنه عندما يفرش عباءته معناها أنه يريد منها أمرا معينا. وفي يوم من الأيام تعرضت ديار قبيلة هذا الأعرابي للهجوم من قبيلة أخرى، فرجع الأعرابي مسرعا إلى الخيمة، وبادر بنشر عباءته لجمع ما يمكن جمعه وإنقاذه من أيدي المغيرين، كما فعل بقية أبناء القبيلة، وما أن رأت طنبورة زوجها يفرش العباءة حتى أسرعت بتنفيذ أمره المتفق عليه من قبل في معنى فرش العباءة، وهنا قال الأعرابي: «عرب وين وطنبورة وين»، ومن هنا أصبح المثل (عرب وين… طنبورة وين) يضرب لمن يقوم بفعل على عكس مجريات الأمور.
لم أجد مثلاً أفضل من «عرب وين وطنبورة وين» لوصف استجواب الدويسان الذي تقدم به لرئيس الوزراء جابر المبارك. ففي الوقت الذي يترقب فيه الجميع مرسوم حل مجلس الأمة 2009 بين ساعة وأخرى يطل علينا النائب فيصل الدويسان باستجوابه الغريب العجيب. لا يمكن لأي مراقب إلا أن يكون ساذجاً، ليقول إن استجواب الدويسان استجواب حقيقي، لأن الكل يعلم أن هذا الاستجواب لن يرى النور، ولذلك نحتاج إلى من عنده علم من الكتاب لنعرف الأهداف الحقيقية وراء تقديم هذا الاستجواب في هذا التوقيت بالذات، وعما إذا كان الاستجواب ذاتي الدفع أم أن مقدمه مجرد رسول ليس عليه إلا البلاغ.
إذا كان الدويسان بالفعل حريصاً على تفعيل دور مجلس الأمة كما يقول في استجوابه، ويعيب على جابر المبارك تعطيله لجلسات مجلس الأمة، فلماذا لم يحضر هو الجلستين اللتين دعا إليهما رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بإبطال مجلس 2012؟ وإذا كان الدويسان يعيب على الحكومة عدم حضور جلسات مجلس الأمة، فلماذا اعتبر قبل ذلك أن عدم حضور الحكومة لعدة جلسات في مجلس 2009 تكتيك مشروع، بل وشارك هو شخصياً في هذا «التكتيك»، ليأتي الآن ويتباكى على تعطيل إحدى السلطات التي قررها الدستور؟! ولتنشيط ذاكرة الدويسان نقول له إن جابر المبارك الذي يعارضه الدويسان كان النائب الأول لرئيس الحكومة السابق ناصر المحمد، و كان الدويسان أحد خطوط الدفاع الأولى عنه، أم يريد الدويسان أن يقنعنا بأن ناصر المحمد كان المحافظ على الدستور وحامي حماه وأن جابر المبارك هو عدو الدستور الأول؟
أحد أسباب «توهان» مجموعة موالاة الشيخ ناصر المحمد وأحدهم فيصل الدويسان، أنها وضعت كل بيضها في سلة ناصر المحمد، ولذلك عندما استقال المحمد أُسقط ما في أيدي المنافحين عنه وحاروا في كيفية التصرف مع الوضع الجديد، وزاد عن ذلك أن جابر المبارك أدار لهم ظهره، ولذا تجدهم يعانون الضياع والشتات، وما استجواب الدويسان إلا أحد مظاهر هذا الضياع، ولذلك نقول «الدويسان وين وطنبورة وين؟».
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق