خطف استجواب النائب فيصل الدويسان لسمو رئيس الوزراء الأضواء من نشاطات وتصريحات وندوات كافة الأطياف السياسية في البلاد حكومة ومجلساً.. موالاة ومعارضة، وبصورة مباغتة استطاع الدويسان أن يخلط الأوراق ويبعثر الخطط ويعرقل الأجندات، ويقلب التوقعات السياسية التي كانت تنتظر بعد حكم المحكمة الدستورية الأخير أن يتم تسليط الضوء على جلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع لإعلان عدم التعاون، وبالتالي حل مجلس الأمة الحالي.
وبغض النظر عن المقدمات والمنطلقات التي جاءت بالاستجواب ودوافع النائب المستَجوِب، سواء لمن أساء أو أحسن الظن به أو بمحاور صحيفة استجوابه، أجد أن هذا الاستجواب قد حقق ثلاث غايات واضحة لا لبس فيها:
الغاية الأولى أن الاستجواب أحرج نواب «كتلة المعارضة» ومعهم جمهورهم الذين كانوا يتهمون سمو رئيس الوزراء في الكثير من تصريحاتهم في ساحة الإرادة وخارجها بالفساد وسوء الإدارة والفشل في معالجة مشاكل البلاد، في وقت كانت كتلة «نواب الموالاة» تعلن أن تلك التصريحات ما هي إلا تكتيكات يراد بها التغطية على الكثير من العلامات والأدلة التي تشير إلى وجود علاقة مميّزة، وتعاون غير معلن بين أقطاب الحكومة وبعض نواب «كتلة المعارضة»، مما يشكل تناقضا حقيقياً بين ما يدعونه أمام الناس وبين حقيقة ما يجري «تحت الطاولة» إن صح التعبير. فجاء استجواب الدويسان ليضع هؤلاء جميعاً أمام مفترق طرق لا يستطيعون الاستمرار في طرقهم الملتوية تلك.
الغاية الثانية تكمن في أن الحكومة الحالية كانت تريد أن تخرج منتصرة أمام نواب «كتلة المعارضة» وجمهور ساحة الإرادة بإعلانها عدم التعاون مع مجلس 2009 لتدفع باتجاه حله، ولتسجل لنفسها أنها هي من أنهى مجلس «الخزي والعار»، كما سماه نواب «كتلة المعارضة»! وليتم جني الثمار بعدها من خلال رد الجميل وقبول تشكيل الحكومة بنفس وجوه الخط الأول من جديد، فجاء الاستجواب ليجتث نشوة الانتصار المزعوم بوضعه نقطة سوداء تتمثل في المساءلة السياسية التي طالت جوانب مهمة من أداء سمو رئيس الوزراء تحديداً.
الغاية الثالثة أن الاستجواب عقّد خطوات حل مجلس الأمة الحالي، إذ لابد من طرح الاستجواب كبند مباشر بعد قسم الحكومة في أول اجتماع للمجلس، ما يعني أن الحكومة ستكون غير قادرة على التهرب من مواجهة الاستجواب إذا ما أرادت الحضور لأداء القسم أمام البرلمان، ما يجعلها أمام مفترق طرق غاية في الصعوبة قد يدفع البلاد إلى أزمة دستورية أخرى، حيث إن الحكومة ما دامت لم تقسم أمام البرلمان فحتماً سيترتب على ذلك عدم قدرتها على العمل التشريعي، فكيف لها أن تعلن عدم التعاون مع نواب السلطة التشريعية قبل القسم أمامهم؟! وتلك هي المعضلة الحقيقية التي ستجعل من الأهمية والضرورة تمكين مجلس الأمة الحالي من الانعقاد والاستمرار.
من هنا أجد أن الاستجواب جاء ليشكل اختبارا حقيقيا لنواب «كتلة المعارضة» الذين عليهم اليوم حسم موقفهم من أداء رئيس الحكومة الذي تحاملوا عليه، ووضعوا على أدائه الكثير من علامات الاستفهام كما جاء في خطابهم بساحة الإرادة. وهو أيضاً يعد اختباراً للحكومة التي تسعى إلى الخروج منتصرة، في وقت كلنا نعلم أنها تعاني الضعف والهوان، ولا يمكن ألا تكون في عداد الحكومات الضعيفة التي مرت على البلاد. وهو أيضا يشكل اختبارا لنواب «كتلة الموالاة» الذين ينادي بعضهم بضرورة عودة مجلس الأمة الحالي للانعقاد، في وقت كل خطواتهم العملية تدل على عكس ذلك.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق