انتهاء جلسة مجلس الوزراء منتصف الأسبوع دون إدراج كيفية تعاطي الحكومة مع مجلس 2009، وتأكيد رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي يوم الثلاثاء الأول من أمس أن سمو الأمير “لا يزال يستمع ولم يبد وجهة نظره ولم أستمع منه أي توجيه جديد”، حول مجلس 2009، يعني فعلياً أن قرار حل مجلس الأمة لم يتخذ بعد فعلياً، وأننا أمام حالة شلل تشريعي غير مسبوقة في تاريخ الكويت.
مجلس 2009 واحد من أسوأ المجالس سياسياً، لأنه مجلس بدأ عمله بوثيقة “إلا الرئيس” ثم غاب نوابه عن حضور الجلسات لإسقاط الحصانة عن النائب فيصل المسلم، وتحقق النيابة العامة في شبهة تضخم حسابات بعض نوابه، وفي الجزء الأخير منه نواب امتنعوا عن حضور الجلسات والمشاركة في أعماله لأنهم أقلية، ليختتم المشهد بنواب شاركوا في اقتحام “قاعة عبدالله السالم” للدفع بحل المجلس بعد فشلهم في إسقاط حكومة الشيخ ناصر المحمد داخل المجلس، فأسسوا لفوضى سياسية قادت إلى إسقاط الحكومة من الشارع.
وعلى العكس من كل هذا، فإن عقد مجلس 2009 جلسة لتمكين الحكومة من أداء اليمين الدستورية هو استحقاق دستوري يأتي انسجاماً مع حكم المحكمة الدستورية القاضي بإبطال مرسوم حل مجلس 2009 الصادر في ديسمبر 2011، وسيحصن مرسوم حل مجلس الأمة، لأن المجلس عاد بحكم الدستور، وبالتالي فإن أعضاءه اليوم من الطرفين (معارضة وموالاة) هم من يعطلون أعماله، عدا نواب كتلة العمل الوطني ورئيس المجلس جاسم الخرافي الذين سعوا إلى المشاركة في جلستي تمكين الحكومة من أداء اليمين الدستورية تنفيذاً لحكم “الدستورية”.
ولابد من التأكيد أن الحكومة لا تستطيع اليوم إصدار مراسيم ضرورة لإقرار الميزانيات وتشريع قوانين ضرورة؛ من بينها تخفيض عدد الأصوات لكل ناخب إلى صوت أو صوتين بدلاً من أربعة أصوات، واحتمال الدعوة إلى إجراء الانتخابات المقبلة بالبطاقة المدنية بحسب منطقة السكن لا بموجب القيد الانتخابي؛ للتضييق على المرشحين الذين يعتمدون على ظاهرة نقل الأصوات، إضافة إلى تغيير قانون الـBOT وتخصيص مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، وإصدار قوانين محاربة الفساد وإقرار الذمة المالية، وتجريم خطاب الكراهية.
المانع الدستوري اليوم أمام الحكومة حاضر بقوة، فهي لا تستطيع تمرير ما تريد من قوانين داخل المجلس القائم دستورياً والمعطل نيابياً لأنها لم تؤد يمينها الدستورية أمامه، كما لا تستطيع إصدار مراسيم الضرورة لأن المادة (71) من الدستور المنظمة لإصدار قوانين الضرورة واضحة، وتنص على أنه “إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على أن لا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية”، وبما أننا اليوم لسنا بين أدوار الانعقاد لأن دور الانعقاد الحالي قائم ولم يصدر مرسوم فضه، ولسنا كذلك أمام حالة حل لمجلس الأمة، فإن يد الحكومة لا تزال مغلولة أمام التشريعات ولا تستطيع إصدار مراسيم ضرورة.
ويضاف إلى ذلك، مأزق دستوري آخر يتعلق بفض دور الانعقاد لأن المادة (85) من الدستور توضح أن “لمجلس الأمة دور انعقاد سنوي لا يقل عن ثمانية أشهر، ولا يجوز فض هذا الدور قبل اعتماد الميزانية”، وبالتالي فلا يمكن دستورياً فض دور الانعقاد الحالي لأن الميزانية لم يتم اعتمادها، وتزيد المادة (86) من تعقيد الوضع لأنها تنص على أن “يعقد المجلس دوره العادي بدعوة من الأمير خلال شهر أكتوبر من كل عام. وإذا لم يصدر مرسوم الدعوة قبل أول الشهر المذكور اعتبر موعد الانعقاد الساعة التاسعة من صباح يوم السبت الثالث من ذلك الشهر. فإن صادف هذا اليوم عطلة رسمية اجتمع المجلس في صباح أول يوم يلي تلك العطلة”، أي أن مجلس الأمة في حال عدم صدور مرسوم حله قبل حلول الأسبوع الثالث من أكتوبر سيكون مدعواً بقوة الدستور للانعقاد في جلسة يوم الأحد الموافق 21/ 10/ 2012، وبالتالي فإن عدم صدور مرسوم حل مجلس الأمة وعدم تمكنه من الانعقاد يعني شل مجلس قائم دستورياً، وتم تحصينه بموجب حكمين للمحكمة الدستورية.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق