محمد العبدالجادر: أغلبية أم أقلية

بعض المصطلحات السياسية تشيع في اوقات واماكن وتأخذ طابعا وشكلا، وكأنه واقع سياسي. فهنالك مصطلحات «اليسار» و«اليمين» و«المحافظ» او «المتشدد» وغيرها من مصطلحات سياسية شائعة، وهكذا يثار اليوم هل انت مع الاغلبية أم الاقلية؟ وهي مصطلحات الهدف منها تصنيف اعضاء مجلس الامة، ومشكلة هذه التصنيفات انها تضع المستهدف في خانة، اما ان تكون معي او ضدي.

والمعارضة في الكويت تقليديا كانت منذ الخمسينات وحتى توجت بالدستور وما بعد 1962، هي المعارضة الوطنية بقيادة الرموز الوطنية: الدكتور احمد الخطيب والراحل جاسم القطامي والمرحوم سامي المنيس وعبد الله النيباري، ومن قبلهم رواد يطرحون جميع المطالب المرفوعة حاليا، سواء الدستورية او القانونية، وكانوا اقلية وتحقق اليوم جزءا منها. الخطاب الحالي وتقسيم القوى السياسية واللغة السياسية التي يغلب عليها التخوين والاقصاء واستخدام مقولة ان لم تكن معي فأنت ضدي، هي انعكاس لثقافة جديدة لا تتقبل النقد ولا تحمل احتراما للرأي الآخر.

لماذا أصبح اي طرح يتم تخوينه والبحث عن التفاصيل لجرح المواقف، ولا يوجد خطاب وطني متعقل يصلح لهذه المرحلة الدقيقة، ويضع بعين الاعتبار المتغيرات المحلية والخارجية والمتغيرات السكانية والاجتماعية؟

فالطريق الذي نمضي فيه في العمل السياسي غريب، فلا نعيش حياة حزبية يتم فيها تصنيف الفكر السياسي، ونناقش فيه الافكار والبرامج السياسية، ويتراجع فيها العامل الشخصي، ويكون العمل السياسي ممنهجا، وليس صراعا اشبه بصراع «الديكة»، وما ان تختلف مع هذه الجهة او ذاك الطرف حتى تصبح الحملات مؤلمة، وتتجاوز حدود النقد الذي يصيب السياسيين في العالم أجمع.

سؤال هل انت مع الاغلبية ام ضدها؟ وهل انت مع الاقلية ام ضدها؟ سؤال حائر، فمن هي الاغلبية ومن هي الاقلية؟ الاغلبية اليوم لم تجمعها افكار او طروحات، بل تجمعها «اخفاقات» حكومية وفساد واسلوب معالجة عقيم، وحتى نتجاوز هذه الحيرة والضبابية في الساحة المحلية لجعل الطروحات في اطارها الصحيح، يجب البدء بحوار شامل والدفع بتقنين العمل السياسي في احزاب وجمعيات سياسية، والدفع بتأكيد نظام فصل السلطات والضغط على الحكومات لوضع اجندة تبث الروح في بناء الدولة الحديثة ودولة القانون والدستور، والتي حدنا عن جادتها واصبحنا اقرب للفوضى والانقلاب.

د. محمد عبد الله العبد الجادر
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.