حسن الموسوي: كويتيون أذكياء وسويسريون أغبياء!

تناقلت وكالات الأنباء الأسبوع الماضي خبر رفض 60{c457ccac1452d3818271ab2011cbb9d08c0f4c36d5279f7e8d0cd5e61c92f6ca} من السويسريين في استفتاء عام زيادة مدة الإجازة السنوية المدفوعة للمواطن السويسري العامل من 4 إلى 6 أسابيع! في البداية لم أصدق الخبر فذهبت إلى التحقق منه وإذا به صحيح 100{c457ccac1452d3818271ab2011cbb9d08c0f4c36d5279f7e8d0cd5e61c92f6ca}، ومصدر استغرابي هو كيف لشعب دولة لم تعان كثيراً تبعات الأزمة المالية العالمية أن يكون بهذا الغباء، ويرفض زيادة مدة راحته السنوية من العمل؟!
واستغربت أكثر حين عرفت السبب الرئيسي لهذا الرفض وهو الخوف من تراجع الاقتصاد لأن أصحاب الأعمال سيضطرون إلى توظيف عدد أكبر من العمال لسد النقص من زيادة الإجازات، وهو ما سيؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج وبالتالي صعوبة منافسة السلع السويسرية لبقية السلع الأجنبية (يا له من عذر أغبى).
وبالتالي بات من الضروري أن تزور النقابات العمالية السويسرية الكويت للاطلاع على النموذج الكويتي الذكي جداً في إدارة الاقتصاد، وللاطلاع أيضاً على النموذج العمالي الكويتي، “الأذكى طبعاً”، لكيفية الحفاظ على حقوق العمال بما يتناسب مع التنمية والتطور في البلد.
ففي الكويت سر نجاح الاقتصاد وتوقع نجاحه بشكل أكبر بالمستقبل هو اتباعنا لقاعدة “اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب”، والغيب سيخدمنا حتماً لأننا شعب الله المختار، ولهذا ارتفع بند الأجور أكثر من أربع مرات خلال السنوات العشر الماضية. فالقطاع الحكومي يزداد تضخماً لشغل أعظم وظيفة بالعالم، وهي البطالة المقنعة (مع وجود بعض الذين يعملون بكل إخلاص لأنهم لا يعرفون من أين تؤكل الكتف)، ونحمد الله أن الحكومات المتعاقبة سلكت هذا المسلك بدلا من هدفها الغبي المكتوب بخطتها التنموية، وهو خلق فرص عمل بالقطاع الخاص. وطبعاً كل قطاع حكومي يحدد بنفسه الكادر الذي يريده وبعدها يسميه “حقاً” حتى يحصل عليه… “تعلموا يا السويسريين”. وفي الكويت كلما كانت الشركات الحكومية خاسرة ارتفعت أجور العاملين فيها بعكس نموذجكم الغبي الذي يعطي العمال حق المطالبة برفع الأجور عندما تزيد أرباح الشركات. وطبعاً لدينا أعضاء مجلس أمة “يشفطون على أعضاء مجلسكم 60 مرة”، في الذكاء والعبقرية، ويتحلى نوابنا بمسؤولية كبيرة وهمهم الأول مصلحة البلد وليس كرسيهم الأخضر، فهم أتباع مدرسة “كل من طق طبله قال أنا قبله”، ولذلك تجدونهم في الإضرابات أكثر من اللجان! لاحظوا أيها السويسريون أن جميع نظرياتنا مقفاة لأننا عباقرة في الاقتصاد والشعر أيضاً. ومع هؤلاء النواب تستطيعون إقامة أي إضراب بنجاح لأنهم سيهددون الحكومة بالويل إذا أنزلت الجيش لسد مكان المضربين على عكس أشقائكم البريطانيين (الأغبياء أيضاً) الذين سخرت حكومتهم مئات من الجيش والشرطة لتعويض مكان سائقي الشاحنات الذين هددوا بالإضراب. وفي المقابل لدينا أيها السويسريون أناس أغبياء، “أو لنقل قليلي الذكاء على الأقل”، يدّعون أن النفط لن يغطي تكلفة الرواتب بعد سنوات قليلة (هل تصدقون ذلك؟)، ولدينا اقتصاديون “طيح الله حظهم” يطالبون بتنويع الاقتصاد وتوجيه العمالة الوطنية إلى القطاع الخاص. ولدينا أيضا من يطالب بوضع مسطرة واحدة لجميع الوظائف في الدولة بما فيها المؤسسات الحكومية مثل مؤسسة البترول. ولدينا من يطالب بتصحيح ما جرى من فوضى الكوادر “فوضى حسب ادعائهم”، حتى لو أدى ذلك إلى تقليل رواتب البعض بعد تطبيق المسطرة على الجميع “صج ما عندهم سالفة”. ولدينا من يحذر من تبعات التضخم وفقدان عملتنا الوطنية لقوتها الشرائية “أي هراء هذا؟”. ولدينا في النهاية من يطالب بعدم الأنانية وادخار الثروة النفطية لمستقبل أبنائنا وأحفادنا “أرأيتم غباء أكثر من هذا؟”.
طبعاً نسوق لكم هذه الأمثلة يا سويسريون حتى لا تنخدعوا بمثل هؤلاء مستقبلاً بعدما خدعوكم وأقنعوكم بأن تصوتوا ضد رفع مدة الإجازة المدفوعة. وبالنهاية نتمنى لكم أن تستفيدوا من تجربتنا النيرة وتحذوا حذوها حتى تنعموا بمستقبل مشرق مع أنني أشك في ذلك لأنكم وببساطة لستم أهلا لهكذا نموذج، ولستم بأذكياء مثلنا حتى تطبقوا ثقافة “الشفط” بإتقان مثلما نطبقها نحن!
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.