هو باختصار واقعنا الكويتي الممل ما يمكن أن ينتج قضايا من لا شيء، وإلا فمن يستطيع تبرير هذه الضوضاء السياسية التي أقضت مضاجعنا طوال الأشهر الماضية، والتي ستنتهي حتما على.. «ماميش»!
أشهر كثيرة ونحن نعيش كذبة قانون الانتخاب وتحصينه دستوريا، وفق تسريبات غير موفقة لمقترحات للتعديل في هذا الاتجاه أو ذاك، ووقفت البلد كلها على قدم واحدة في انتظار ما سيحدث، فتمخض الجبل طويلا، ولم يلد في النهاية جنينا مشوها، بل ولد… مجرد هواء!
لا بد من أن نعترف وتعترف السلطة معنا أن مفاتيح اللعبة السياسية ليست بيد طرف واحد، وأن الواقع المعقد الذي نعيشه هو حصيلة لتجربة متعثرة لم نتقدم بسببها أو من خلالها خطوة واحدة للأمام، وأن السلطة لم تقدم حقيقة ما يدعم أي توجه قد تتبناه لإحداث تغيير جوهري في نظامنا السياسي أو الانتخابي!
كل ما جرى ويجري هو نتاج كويتي صرف، يتميز بضبابية الرؤية، وغياب المشاريع الجريئة، واستمرار الوضع على ما هو عليه، في رسالة لا تخدم إلا مخاصمي السلطة، والذين يكتسبون زخما متزايدا مفاده أن اللجوء للشارع والتصعيد المتزايد هو الوسيلة المضمونة للحفاظ على المكاسب السياسية وغيرها، ولا بوادر أو مؤشرات على أي تغير قد يطرأ على توجهات المعارضة، إلا في اتجاه المزيد من المكاسب على حساب السلطة ومشاريعها!
في المقابل، فما يصطلح عليهم بقوى الموالاة أضحوا في موقع لا يحسدون عليه، فاستمرارهم في استجداء السلطة للقيام بخطوات حازمة تحد من قوة وزخم التيار المعارض، كمراسيم الضرورة الهادفة لتغيير آلية التصويت على الأقل، ناهيك عن بؤسها وتضمنها لمعاني التفرد بالقرار من قبل السلطة، وهو الأمر الخطير على المدى الطويل، فإنها تشير لحالة الاهتراء الداخلي الذي تعانيه قوى الموالاة وقصور آليات الفعل السياسي والاجتماعي القادرة على بناء تيار جماهيري عريض يضغط على السلطة لتحقيق هدف ما، وركونها لمناشدة المراجع العليا للتدخل في اتجاه يخدم توجهاتها، وهو التكتيك الذي يكرس نمط ادارة المجتمع بالعقلية الرعوية الأبوية، والذي جاهد بناة الدولة الكويتية الحديثة لتغييره منذ عقود.
إنها باختصار… أزمة دولة ومجتمع… والأخطر من ذلك… أنها أزمة النخبة في هذا البلد… وهذا هو أخطر ما في الأمر!
Twitter: @alkhadhari
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق