ناصر العبدلي: ليسوا هم فقط

المال السياسي أصبح جزءا من العملية الانتخابية في البلاد بحكم الواقع، ورغم المحاولات لإيقاف تدخله في تلك العملية إلا أن نتائج تلك المحاولات ليست كما يجب، وفي فترة من الفترات كان اللوم يوجه إلى أقطاب في الأسرة الحاكمة على مثل ذلك التدخل، ولكن الأمور تغيرت منذ ذلك الحين وأصبح المال السياسي أمرا مشاعا، فقد تدخل بعض التجار بأموالهم خاصة ممن جمعوا تلك الأموال عن طريق التواطؤ الحكومي.
بعض التجار أصبح يضع قوائم ليحصل على أربعة مقاعد دفعة واحدة، بعد تعديل قانون الانتخاب إلى خمس دوائر انتخابية وأربعة أصوات، ومع تطور الأوضاع السياسية عمد أولئك إلى توسيع دائرة اهتماماتهم ليصل مالهم السياسي إلى الدوائر الأولى والثالثة والرابعة والخامسة، فهذا مرشح من قبيلة مطير في الدائرة الرابعة يحصل على 100 ألف دينار من أحد التجار نكاية بنائب آخر، وآخر من قبيلة العجمان في الخامسة يحصل على مبلغ قريب من ذلك المبلغ.
التجار تجاوزوا الأسرة الحاكمة في استخدام المال السياسي لتكوين كارتيلات داخل البرلمان من أجل مصالحهم التجارية، وتلك الكارتيلات تعمل خلف الكواليس على إيقاف أي مشروع حكومي لا يجري ترسيته على شركة ذلك التاجر، وهم يستغلون في ذلك ضعف الحكومة وخوفها من التصدي لمثل ذلك العبث السياسي، رغم أن أمر تلك المشاريع يخص المواطن البسيط أكثر من غيره.
تعطيل التنمية في البلاد يرجع إلى أمرين كما يظهر على الساحة، حكومة ضعيفة تصمت خوفا من سطوة التجار، ونواب فاسدين وصلوا إلى البرلمان عن طريق المال السياسي، ولولا مجموعة نقية من النواب لتحول مجلس الأمة خاصة خلال السنوات الخمس الماضية إلى ما يشبه البورصة، تبرم فيها الصفقات التجارية على حساب التنمية، وعلى حساب المواطن البسيط الذي بات متفرجا بعدما كان فاعلا رئيسيا على الساحة.
بعض أقطاب الأسرة الحاكمة كان يتدخل في الانتخابات بأمواله وربما بأموال الدولة، ولايزال بعضهم يفعل ذلك، لكن أهدافهم تنحصر في تحسين المواقع وترتيب الفرص، وهو ليس بالأمر الخطير على استقرار البلد، لكن تدخل بارونات المال يختلف اختلافا كبيرا عن تدخلات الأسرة الحاكمة، فهم لا ينظرون بتاتا إلى استقرار البلد وأهمية الحفاظ على الطبقة الوسطى كطبقة استقرار، بل ينظرون فقط إلى تكديس الأموال والتباهي بها، ولكم أن تتخيلوا خطورة ما يفعلون.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.