النائب علي الراشد من النواب اصحاب الخبرة والقدرة السياسية، اللتين تجعلان منه احد اعمدة العمل البرلماني، وربما السياسي في البلد. وهو صاحب تاريخ برلماني عريق، ورصيد سياسي شعبي يميزه عن كثير من بقية النواب. لكن يوم امس لم يكن النائب الراشد موفقا، وهو يحاول تحريض السلطة على جماعة «المقاطعة»، واستخدام ما يمكن استخدامه ضدهم. نتفق تماما مع النائب علي الراشد بعدم دبلوماسية وحصافة خطاب جماعة المقاطعة، لكن من قال اصلا انهم يتميزون بحكمة او حتى بوعي سياسي يرقى الى التعامل مع حكومات وساسة وقادة؟!
لهذا كانت شرهتنا نحن الاساسية على التحالف الوطني الديموقراطي وتصريحات خالد الخالد، التي شابهت طرح الاغلبية ونهجها. واليوم انضم المنبر الديموقراطي ايضا الى الحفلة فأخذ مع التحالف يصفان الاجراءات المزمع او حتى المشاع اتخاذها من قبل الحكومة بـ«العبث» في نتائج الانتخابات، بدلا من معارضتها «دستوريا» تحت حجة انعدام الضرورة او غيرها من حجج سياسية وقانونية تحفظ للتنظيمين مكانتهما السياسية وجذورهما العميقة في النضال والكفاح المسؤول. ان وصف الاجراءات او المراسيم الاميرية بالعبث دليل على انعدام الحجة وافتقاد المبررات الحقيقية للمعارضة. ومن السهل الرد على ذلك الوصف بوصف ربما اكثر دقة وصدقا بأنها «اصلاح» و«تصحيح» لأخطاء، وربما عبث سبق للسلطة ممارسته في اوج ضجرها بالنظام الديموقراطي.
في المقابل، فإن محاولة كبت صوت المعارضين تحت حجة «يسبّون الحكومة» موضة قديمة، وتراث حكومي استبدادي يجب ألاّ يكون له مكان في نظام ديموقراطي او على الاقل شبه ديموقراطي مثل الكويت. ولا يعفى هنا استخدام مقام حضرة صاحب السمو وسيلة لممارسة هذا الكبت وهذا الحجر على حرية الغير، كما فعل مع الاسف النائب الراشد. بل هو في الواقع اقحام غير مبرر وغير حصيف للذات الاميرية في الصراعات السياسية اليومية.
إننا مع حرية الرأي والتعبير المطلقة، والذي يتصدى للعمل الجاد او الاصلاح سيجد الكثيرين من المستفيدين وربما الاكثر او الاعلى صوتا من المتضررين. وعليه ان يتحمل او يستمع للجميع. فنحن هنا لا ندري حقيقة من يملك التصور الصحيح، ومن تتهيأ له الحقيقة، ومن يحاول اختلاقها. الكل هنا صاحب رأي يجب ان يسمع، وصاحب مصلحة يجب ان تراعى. ولا احد، مع احترامنا لمن يجب ان يحترم، يملك مفتاح الحقيقة وحده.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق