لم أزر الخيران منذ ما يقارب 12 سنة, فالمكان بعيد ولم أجد فيه بعد ذلك الجاذب الذي يجعلني امتطي صهوة حصاني الحديدي وأقوده قرابة ساعة من الزمان. حتى ذكرياتي مع المكان تكاد تختفي إلا من العجلات “القواري” ذات الأربعة مقاعد, والشباب والبنات الذين يحومون في ميادينه ترقبا لحلم الحب من أول نظرة.
منذ جمعتين, قررت التوجه للخيران للقاء عماتي اللاتي استأجرن واحدة من الفلل الجديدة في المنتزه, لملمت حاجيات الرحلة و”شقلت” طفلتي على كتفي, أخذت والدتي واخوتي في طريق طويل لَفظنا عند بوابة المنتزه. عندما رأيت سحنة المكان تذكرت الصعوبة والشقاء منقطعي النظير في فهم قوانين دخول الزوار وتعداد السيارات مقارنة بعدد الشاليهات المستأجرة للعائلة الواحدة, باب المقيمين وباب الزوار وباب المغادرين “حشى مطار”! وأفراد الأمن والاستقبال عند البوابة الذين “زهقوا” عيشتهم وهم يقنعون السيارات الزائرة في عدم امكانية ادخال سياراتهم داخل المنتزه, فعدد الجماعة اصحاب الشاليه ,12 يحق لهم ادخال 3 سيارات فقط, ولكنهم ادخلوا السيارة الرابعة خلسة عندما خدعوا حراس البوابة.
عموما بعد الوقوف لمدة نصف ساعة على البوابة لتحاول عمتي اقناع رجل الأمن ان سيارتي يجب ان تدخل لأنهم ادخلوا سيارتين لا ثلاثاً, وبين “المكاسر” في المبلغ الذي يجب ان ندفعه للزائرين الاضافيين, وبين “غدن” تريد ان تنام, و”دلال” تحتاج الحمام, دخلنا سالمين غانمين غير ناقصين مع سيارتنا.
اتعجب كثيرا من بلدي, فالصيغة الحسابية الأولى ببساطتها وسهولتها تجد صعوبة متناهية في التطبيق في اغلب أمور الكويت. المسألة تقول 1+1=2 , وأنا اقول Bull S…! نحن نعلم ان فائض ايرادات البلد يغطي عين الشمس ويكسوها, فأين كل تلك الأموال من المنتزه الأكبر والأشهر والأوحد الذي يحمل اسم الدولة وتوقيعها? خيراننا متواضعة جدا مثل اي شيء آخر يطبع بختم “دولة الكويت” بعيدا عن ايدي المستثمرين والمُطَورين. مساحات رملية لا يسكنها الا التراب تكاد تصرخ بوحدتها القاتلة أين المعمار? اين الألعاب الترفيهية الخارجية? اين الأسواق? اين الملاعب المجهزة? اين السبا? قاعة يتيمة لألعاب “الآركيد” تكاد تختنق ازدحاما ولا من متسع, شوارع ضيقة, مطاعم بدائية وساحة جلوس غير متناسقة وغير مفهومة, لا يوجد كافيهات تقدم للزائر انواع القهوة الدافئة شتاء والباردة صيفا, ولا مطاعم تدهش الزائر بتنوع اعراقها وتعدد اصنافها. لا يوجد بازارات محببة على ناصية الطريق كالتي نجدها حتى في افقر الدول, لا يوجد مدينة مائية, بيت رعب, متحف مصغر عن الكويت الحبيبة واهلها الطيبين!
لماذا لا نجد من يحلم عميقا عندنا? وإن وجد .. لماذا لا يكون الحلم كاملا لا تلعب فيه الكوابيس?
sjm1306@gmail.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق