أول العمود: التطاول الذي مس مقام رمز البلاد يحتاج إلى تصرف يضمن عدم تكراره.
***
صرنا رهينة لأرقام وإحصاءات الدولة الخاصة بحياتنا الاجتماعية وتعقيداتها السلوكية والتربوية، فهناك أرقام للطلاق المتزايد وأخرى بأعداد المكتئبين، ومن لديهم انفصام في الشخصية، وآلاف يترددون شهريا على مستشفى الطب النفسي، وكل ذلك بالطبع ما هو إلا أعراض لأمراض لها مسبباتها التي يبدو أننا عجزنا عن تقديم حلول تكسر الطوق للحديث الجريء حولها، وتحديد المسؤولية الأسرية والمجتمعية عنها.
التردي الأخلاقي تطور في صوره وأخذ أشكالاً مختلفة: عدم الانسجام مع ما نظهر به من وجه أمام الناس، التحايل الديني، العدوانية ضد النساء، السوقية في الألفاظ، العنف بكافة أشكاله، الفردية وحب الذات، التباهي الاجتماعي وتحقير بعض الشرائح… والقائمة تطول.
هذه المظاهر تجرنا إلى السؤال الأهم في نظري: ما هو سلوكنا الأسري بين جدران بيوتنا؟ لأن الإحصاءات السنوية المخيفة والمتعلقة بالسلوك الاجتماعي والنفسي ما هي إلا انعكاس لما نسلك ونفعل في بيوتنا، والتي يجب أن تكون محل اهتمام المؤسسات التي تقدم الخدمات الاجتماعية والصحية.
هناك أسئلة جوهرية يجب أن نصارح أنفسنا بها: كيف نعيد تشكيل مفهوم الحرية الشخصية بين أفراد العائلة؟ وهل نتدخل في حرية الأبناء لاختيار الأصدقاء وبناء على أي من المعايير؟ وما هو مفهومنا للوظيفة العامة؟ وكيف ننظر إلى الراتب الشهري الذي نتقاضاه؟ وكيف نحدد الموقف من المنتجات الاستهلاكية كالأجهزة الإلكترونية واستعمالاتها؟ ومَن مِن أفراد الأسرة له السطوة في حسم الأمور في قرارات مصيرية للأسرة؟ وكيف نفسر تنوع الشرائح الاجتماعية والمذهبية في الكويت لأبنائنا؟
تلك مجرد أمثلة لأنماط من السلوك التي تصوغ شخصية أبنائنا ونربيهم عليها، وهي– أي الأنماط– التي تظهر على شكل أرقام وإحصاءات في سجلات الدولة، وتتحمل الأسرة بما تغذي به عقول أبنائها، والدولة عبر ما تقدمه من رسائل وخدمات للناس صياغة مفاهيم الأبناء تجاه قضايا الدين والشعور بالمسؤولية واحترام القوانين وتطبيقاتها، وكثير من المسائل التي تشكل شخصية الإنسان الكويتي اليوم التي أصبحت تحمل الكثير من علامات الاستفهام.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق