لا أجد أي سلبية في الاختلاف القائم اليوم، ما دامت كل الأطراف السياسية في السلطة والمعارضة ملتزمة القنوات الدستورية السليمة في إبداء آرائها والدفاع عن مواقفها، ولكن السلبية كل السلبية حين يحاول طرف ما في الساحة السياسية أن يلبس الحراك الدستوري ثوبا خاصا به، معتمدا على فهمه للنصوص الدستورية، فيتجرأ على إثارة الفوضى في البلاد، وشق الصف بين المواطنين، وزج مكونات المجتمع في أتون الفتنة بينهم! نعم، تلك هي الخطورة حين يتجه أحد الأطراف ليثبت حقيقة ظالمة تفتقد إلى الموضوعية، وهي أن كل من لديه عقيدة أو رأي أو موقف يختلف عنه، فهو ضال مضل للشعب، خائن عميل لأطراف في الحكم!
وأحسب أنها المشكلة حقيقية التي وُصِمَت بها كتلة نواب أغلبية مجلس 2012 التي وصلت بهم العقدة إلى درجة لم يعد يفقهوا أدب التعاطي مع المختلف معهم. وعلى الرغم من المطالب الإصلاحية الحقة التي يطرحها بعضهم، فإنه لا يعقل أن يتم تحقيقها من خلال اتباع أسلوب فض ولغة جلفة وخطاب تأزيمي وطرح غير لائق للمعارضة السياسية اليوم. ولا يعقل أن يفتقد بعضهم روح التعاطي الأخلاقي في طرح موقفه، ليحول الاختلاف إلى صراع ونزاع لا يمكن أن يكون له صدا إيجابيا إلا في أوساط المتعاطفين معهم!
إنها مشكلة حقيقية حين يتصدى أناس يفتقدون إلى الأخلاق في تعاطيهم السياسي، وتغيب عنهم الحكمة في التعاطي مع مسيرهم الإصلاحي، ما يجعله مسيرا نافرا ويثير الاشمئزاز، وإلا كيف نفسر رفض هؤلاء لطلب سمو الأمير تأجيل ندوتهم إلى ما بعد مؤتمر الحوار الآسيوي ومغادرة الضيوف من رؤساء الدول؟! وكيف نفسر رفع السقف في الحديث إلى استخدام لغة تهديد رخيصة تحمل ألفاظا نابية في حق شخصية وضع لها الدستور مكانة ومقاما، فجعلها ذات مصونة لا تمس، بل وأعطى لها دورا رياديا قياديا أبويا في البلاد؟! وكيف للمعارضة اليوم أن تقنعنا بأن تهديد أبناء رجال وزارة الداخلية بمواجهة الضرب بالضرب والسحل بالسحل، وكأننا في بلد يحكمه منطق الغاب، وليس قوانين وأنظمة على الجميع احترامها؟! بمعنى آخر كيف يمكن لمعارضة تحمل تلك المواصفات أن تؤتمن على مصالح الشعب واستقراره؟!
وماذا عسانا أن نبرر منطق المعارضة في طلب الإصلاح، وهي ترينا يوميا – بالصوت والصورة – ومن خلال تصريحات وأقوال بعض رموزها، كم هي بعيدة عن عادات وتقاليد وأعراف أهل الكويت، بل وبعيدة جدا عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وأدب وأخلاق قدوتنا وحبيبنا نبي الأمة محمد (ص)؟! لذا، لا أستطيع وصف سلوك المعارضة إلا في هذا الإطار الذي أشاعت فيه الظلام في مواقع سلطة القرار، وبثت روح الكراهية بين الناس، وصادرت حق الأغلبية الصامتة، وتحدثت باسمها، زورا وبهتانا، وخونت كل المكونات الموالية للنظام، لتحصر الحقيقة بما تفهمها هي فقط! إنه يومهم الأسود الذي يحتاج إلى رجال يقفون أمامهم ليقولوا كفا عبثا وتمزيقا لهذا البلد.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق