ليس من باب التعالي على ما يجري هذه الأيام من أحداث سياسية متضاربة الأهواء والأهداف، وليس أيضا من باب التجاهل لها ولكن من باب الواقعية والإيمان الحقيقي بالحرية، والذي يفترض بالديموقراطية أن تكون الطريق المفضي إليها. وفي اجتهاد غير ذي ثمر مني سأحاول في هذه المقالة أن أصفع كل ما يجري من أحداث ظاهرها الديموقراطية والحرية وباطنها الاستعباد وامتهان كرامات الناس تحت أسماء كثيرة وعناوين براقة ضجاجة صجاجة ولكنها نزاع على قصعة فارغة لا على زاد يطعم السائلين أكلا!
لقد استطاع من استطاع أن يقر في أذهان العامة والدهماء والراكضين وراء صناديق الانتخابات كلما قرع جرسها أن ما في البلاد من واقع سياسي يمثل الديموقراطية أو أنه يمت لها بصلة قريبة أو بعيدة بينما الحقيقة أن ما هو عندنا لا يمت للديموقراطية من قريب أو بعيد وإنما هو مغانم ومغارم، مغانم يغنمها اللاعبون في ساحة الانتخابات ومن يفوز منهم بعضوية ما يسمى بمجلس الأمة، ومغارم تغرمها البلاد والناس بما دفعته البلاد من تقدمها وتميزها ورقيها الذي كانت عليه قبل الاستقلال وفي السنوات الأولى التي أعقبته، وفقد الكويتيون حرياتهم الاجتماعية التي كانوا يضاهون بها أرقى المجتمعات الأوروبية ليحلوا في مؤخرة الصفوف ولتضحي بلادهم عنوانا فاضحا للتخلف والرجعية والانهيار والتراجع!
هذا ما حصدناه نحن الكويتيين من «الديموقراطية» المشوهة الكاذبة التي سرنا على دربها خمسين عاما لتقودنا إلى الخلف عشرة قرون، وإذا ما استمررنا في السير على دربها خمسين عاما أخرى فإنها ستهوي بنا في مهالك الردى وستعيدنا إلى العصر الحجري!
فيا أيها المتصارعون، على ماذا تتصارعون وتتنازعون؟! وإن كنتم ديموقراطيين حقيقيين فإن عليكم المطالبة بتحقيق الديموقراطية ونزع الشوك عن جسد بلادكم والذي غرزه فيه هذا المسمى «مجلس الأمة».
صدقوني إنكم لا تتنازعون على ديموقراطية لأن أشد المتحمسين لها منكم هو أبعد الناس عن الديموقراطية التي تفضي إلى الحرية، وأقرب ما يكون إلى العبودية والتسلط.
وإن كنتم ديموقراطيين حقيقيين فقاطعوا ما يسمى بالانتخابات حتى تتحقق الديموقراطية الموؤودة المسكينة التي لا يلتفت إليها أحد.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق