عبداللطيف الدعيج: الإعلام الحقيقي يحمي نفسه

إزالة ميكروفونات بعض القنوات خطوة غبية وطفولية، وهي تعبير حقيقي عن الطبيعة التسلطية والاقصائية لمن تولى الازالة، ولكل المطبلين والمصفقين الذين هتفوا وشجعوا خنق الاعلام وتقييد الرأي. ولا عجب هنا ولا غرابة، فالكل مع الاسف، متعوّد هنا على تقييد حرية الرأي، والجميع متفق على وأد حق التعبير وتكميم الافواه. ان الكثيرين يتورمون ويتألمون لمزاعم عن سرقات مالية او هدر لثروات واملاك الدولة. لكن احدا منهم لا يحرك ساكنا وحرية الرأي تنتهك وحق النشر يصادر، والناس يمنعون من التعبير العفوي عما يجيش بنفوسهم. لكن طبعا الشرهة ليست على هؤلاء، فكما بينا اضطهاد الفكر وحجب الرأي متأصلان فينا كشعب، ومن قام بازالة الميكروفونات عبّر عن الاتجاه غير الديموقراطي الذي يتسيّد أغلبية المجتمع من دون استثناء، لكن الشرهة تبقى على الاعلام وعلى قنوات الرأي نفسها. فهذه من المفروض ان تدافع عن نفسها وان تحمي حقها في النقل والمتابعة.

وهنا مشكلة اخرى تعود الى اصل الداء والبلاء وهي التخلف الاجتماعي وضعف الوعي المدني والسياسي الذي نتمتع جميعا به. ففي المجتمعات المدنية المتطورة، يتكفل «الوعي» المهني بفرض نفسه، والانتصار للجماعة او بالاحرى الطبقة، ويهيمن على عقلية العاملين الذين يحمون ويحتمون ببعض. لهذا فان اي تعدٍّ على مهني او وسيلة او اداة مهنية يعتبر اعتداء على الجميع يستوجب التضامن الفوري والطبيعي. لهذا تبقى لوسائل الاعلام على سبيل المثال هيبتها وقوتها التي يحسب حسابها العتاة والمتنفذون قبل غيرهم.

ان وسائل الاعلام والقنوات الاخبارية التي تبدي عناية خاصة بتغطية النشاطات السياسية مطالبة بحماية الاعلام، وحماية الاعلاميين العاملين قبل ذلك. اذ يجب ألا يصبح الاستهتار بالوسائل الاعلامية او ممثليها امرا سهلا وطبيعيا، يقدم عليه كل صاحب قوة او عداء لحرية الرأي والنشر. وكذلك فان العاملين في المجال الاعلامي بحاجة الى حماية خاصة، خصوصا أن الاعتداء عليهم من قبل بعض الغوغاء او حتى من الادوات القمعية السلطوية اصبح امرا عاديا مع الأسف. المفروض ان يتضمن قانون العمل حماية خاصة للزملاء الاعلاميين العاملين والناشطين بمتابعة وتغطية الاحداث العنيفة او الوقائع الخطرة.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.