في واحد من الاجتماعات التي تمت على مستويات عالية في الحكومة السابقة كان الحديث عن الاوضاع السياسية التي أعقبت اقتحام مجلس الامة واعتقال مجموعة من الشباب وما نتج عنها بعد ذلك من تداعيات، تحدثت بكل وضوح ان في البلد اكثر من غرفة عمليات تدير الوضع خصوصا الامني، وان بعضها يهدف الى اتخاذ بعض الاجراءات الأمنية لاعادة الروح الى ما يسمى بالمعارضة خاصة عندما تكون في اضعف حالاتها.
ودللت على ذلك ببعض الامثلة، فبعد ان اعتلى رئيس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد منصة الاستجواب ورد على استجوابات النواب اصيب معارضوه في الصميم وضعفت حجتهم وبدأ الناس ينفضون من حولهم، وكان الوقت وحده كفيلا بالقضاء عليهم، فجاءت أحداث ديوانية الحربش والاعتداء السينمائي على د. عبيد الوسمي ليعيد للمعارضة الروح.
وعندما قاد النواب السابقين عملية اقتحام المجلس وقف الرأي العام الكويتي بأجمعه بل وحتى اطراف من المعارضة ضدهم وانعزلوا وبدأ الجميع يتبرأ من الفعل ويحاول ان يدافع عن نفسه بعد ان كان مهاجما، وخلال ايام تم اعتقال مجموعة من الشباب بل وتجاوز الامر ومن دون أي مبررات فتم الاعتداء على الموجودين في موقع التحقيق في المباحث الجنائية وعلى محاميهم فتحول الموقف لصالح المعارضة ضد الحكومة.
هذه الشواهد تدل على ان من يدير العملية اما انه غبي لا يفهم ولا يستفيد من اخطائه وهذا في اعتقادي امر مستبعد، وأما ان يكون منفذ هذه العمليات يعمل ضد حكومته ويريد احراجها وتقوية المعارضة كلما ضعف شأنها وانفض الناس من حولها.
كان هذا تحليلاً مني أكده ما نشره د. فهيد البصيري في مقال له بجريدة «الراي» بتاريخ 5 اكتوبر 2012 في مقال بعنوان «الداخلية تعمل بأجندات خارجية»، فالدكتور – وكما وضح في مقاله – انه كان قائدا امنيا في احدى مديريات الامن يقول في احدى فقرات المقال: «هناك أوامر غبية» كما أسماها تصدر عن عمد ولأهداف خاصة بحتة حتى ولو كانت مخالفة لسياسة ودور الوزارة، وينهي مقاله بفقرة خطيرة جدا يقول فيها: «هناك ضباط أصبحوا من ضروريات عمل الوزارة لتنفيذ ما يصعب على العقل فهمه والقانون تنفيذه فهم يدارون عن بعد بـ«الريموت كنترول» ومن خارج الوزارة، وقصة ضرب النواب والتعامل العنيف مع قضية البدون العادلة والمداهمات العشوائية للعمالة والتغاضي عن جرم بعض الاشخاص بل وتسخير الشرطة لحمايتهم كلها لا تتواءم مع فلسفة ودور وزارة الداخلية اطلاقا بل ان الدور السياسي الذي تقوم به وزارة الداخلية اليوم أصبح يشكل خطرا على الأمن نفسه.
وبهذا الكلام، من شخص مختص أعتقد ان النقاط وضعت على كثير من الحروف ويبقى السؤال هل ما تم بالامس في ساحة الارادة من اعتقال مجموعة من الشباب وكيفية اعتقال ابن رئيس مجلس الامة السابق هو استكمال لمسلسل هذا التخطيط؟
المصدر جريدة النهار
قم بكتابة اول تعليق